الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الأرض تستعيد عافيتها.. والطاقة المتجددة تصون بقاءها

الأرض تستعيد عافيتها.. والطاقة المتجددة تصون بقاءها
9 يونيو 2020 02:03

الإجراءات التي نتخذها حالياً ستحدد القواعد الجديدة المستقبلية لما قد نعتبره اعتيادياً، وذلك في ظل تفشي وباء كورونا (كوفيد 19)، الذي أحدث تأثيراً كبيراً على كافة مناحي الحياة، وقلب عالمنا رأساً على عقب.
والحقيقة أن هناك بعض الجوانب المضيئة والمهمة وسط الغيوم القاتمة والمظلمة التي لبّدت سماء عام 2020، موجات غير متوقعة من الأمل لا يمكننا أن ندعها تتبخر مع انتهاء عاصفة «كوفيد 19». إن الصحة البيئية المفاجئة التي تتمتع بها أرضنا اليوم، تعتبر أبرز الجوانب المضيئة.
فمع انخفاض الاستهلاك التقليدي للطاقة بنسبة تصل إلى 6 في المئة في جميع أنحاء العالم منذ بداية العام، انخفضت انبعاثات الكربون بمعدل مماثل. واليوم، يمكن رؤية جبال الهيمالايا من شمال الهند لأول مرة منذ 30 عاماً. كما حصلت أيضاً طفرة مفاجئة في الحياة البحرية التي تسبح في مياه سردينيا. وفي الإمارات، شوهدت أسماك الشِفنين تتجول في قناة دبي المائية ومارينا دبي. إن الطبيعة تتنفس مرة أخرى.
لكن يجب الانتباه إلى تحذير هام، من خلال تاريخنا الحديث، حول الانتعاش الراهن. لقد انخفضت انبعاثات الكربون بنسبة 1.4 في المئة في أعقاب الأزمة المالية العالمية بين عامي 2008-2009، وفقاً لإحصاءات نشرها مشروع الكربون العالمي عام 2011، ولكن فترة الراحة تلك كانت قصيرة الأمد. فعندما بدأ تعافي الاقتصاد، وظف قطاع الصناعة كامل قوته لاستعادة الإيرادات التي خسرها. ولاحقاً، ارتفعت انبعاثات الكربون بنسبة وصلت إلى 5.9 في المئة، لتمسح تماماً الانتعاش البيئي الذي شهدته الأرض آنذاك. لقد ألقى الاندفاع الرامي إلى «عودة الأعمال» بظلاله على عقد زمني زادت خلاله انبعاثات الغازات الدفيئة بشكل غير مسبوق، لتكون تلك السنوات العشر الأكثر سخونة في تاريخ البشرية. وسيُذكر دائماً ذلك العقد الذي بدأ عام 2010 باعتباره الفترة التي دفعتنا إلى كارثة محتملة، متمثلة في ارتفاع بلغ 3.2 درجة من الاحتباس الحراري العالمي. ولا يمكننا اليوم تحمّل تكرار ذات الأخطاء. وهذه المرة يجب علينا العمل بالشكل الصحيح.
لا يمكننا العودة إلى ذات النمط الذي نشأ عن نموذج اقتصادي غير مستدام، يثمّن النمو دون حدود على حساب كل شيء آخر، ويركز على سعي سام وكارثي بيئياً، لتحقيق مكاسب قصيرة الأمد.
ويجب أن يتغير تماماً ذلك السلوك القديم، المتمثل في إعادة الاقتصاد إلى مساره على حساب الكوكب.
إن حل تلك المعضلة كان موضوع أولى جلسات «محادثات الطاقة المتجددة»، الندوة الافتراضية التي استضافتها الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا» والبعثة الإماراتية لدى الوكالة، في الثالث عشر من مايو المنصرم، من أبوظبي.
حيث شارك فيها أكثر من 100 عضو في الوكالة، وأظهروا إجماعاً واضحاً، مفاده أنه: يجب على العالم استغلال الطاقة المتجددة لتحفيز انتعاش اقتصادي مستدام.
ولكن تشكل كيفية تنفيذ تلك الخطوة المهمة التالية، وحسبما أوضح تقرير «آيرينا» الأول حول «الآفاق العالمية للطاقة المتجددة» في توقعاته لسيناريوهات الطاقة حتى العام 2050، فلن يقود التحول العالمي للطاقة جهود التعافي من أزمة «كوفيد 19» إلا إذا تعاون الجميع لوضع حزم تعمل على تحفيز قطاع الطاقة المتجددة في الميزانيات الوطنية لمختلف دول العالم. وكمجتمع دولي مترابط، تتمتع «آيرينا» بمكانة جيدة تمكنها من التأثير للدفع قدماً بهذه الدعوة الملحة للعمل المتكامل.
وفي الواقع، يشير التقرير إلى أن حلول الطاقة المتجددة يمكنها إضافة 98 تريليون دولار أميركي إلى الاقتصاد العالمي بحلول عام 2050، الأمر الذي يبشّر بالمزيد من الوظائف، والنمو الاقتصادي، وتهيئة ظروف معيشية ورفاهية متنامية في مناخ مستدام منخفض الكربون، يضع أسساً للتنمية الاقتصادية المستقرة بعيدة المدى.
إن السيناريوهات الموضحة في تقرير تحولات الطاقة 2050، تستند إلى الوضع الذي وصلنا إليه منذ إنشاء «آيرينا» في العام 2010. فخلال العقد الماضي، استثمر العالم 3 تريليونات دولار أميركي في مصادر الطاقة المتجددة، مما زاد من قدرات الطاقة المتجددة بأكثر من الضعف. واليوم، تولد مصادر الطاقة المتجددة ربع طاقة العالم، وتمثل ثلث قدرات الطاقة دولياً.
كما انخفضت أيضاً تكاليف الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بشكل كبير، مما يعني أنها غالباً ستكون أرخص مصادر الطاقة الجديدة.
ومع كل هذه الإمكانيات، لا يمكن ببساطة تغيير اتجاهات التحول العالمي للطاقة الرامية لإزالة الكربون من مجتمعاتنا واقتصاداتنا، بسبب تقلب أسعار النفط أو وباء «كوفيد 19». وهذا لا يعني، أيضاً، أن هذين العاملين لن يؤثرا على رحلتنا نحو مستقبل صديق للبيئة. بل بالطبع ستؤثر الفوضى التي لحقت بسلاسل التوريد العالمية بشكل مباشر على قطاع الطاقة المتجددة، حيث تُشحن قطع الغيار والمواد والإمدادات اللازمة لمشاريع القطاع من جميع أنحاء العالم. ولا تزال شدة هذا التأثير غير معروفة. ولكن حتى في أسوأ الأوقات، لا يمكننا أن نغفل عن أهدافنا، فتحقيق التحول العالمي للطاقة في الوقت المناسب يتطلب تعاوناً دولياً مكثفاً لتجنب كوارث التغيّر المناخي، وهذا هدف يكمن في قلب «آيرينا» والدول الأعضاء فيها.
إن هدفنا هو تمكين المؤسسات من تبني مجموعة متنوعة من السياسات الطموحة التي تعزز عزيمة العالم، وتضمن عدم تخلف أحد عن الركب خلال مسيرة البناء لمستقبل أكثر إشراقاً للجميع.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©