الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الغـذاء في زمن الوباء

محمد كركوتي
12 يوليو 2020 01:09

«كورونا يمكن أن تدفع 50 مليون شخص إضافي نحو فقر مدقع»
أنطونيو جوتيرش،
 أمين عام الأمم المتحدة

الموارد الغذائية العالمية ليست بخير. وزاد تفشي وباء «كورونا» المستجد من الشكوك حول مستقبلها على المديين المتوسط والبعيد. والأمر واضح. هذا الوباء أربك الاقتصاد العالمي برمته، بما في ذلك بالطبع الاستثمارات في الزراعة والغذاء وحركة التوريد بشكل عام. وكما هي العادة في الأزمات، نالت المخاطر الإمدادات الغذائية بصورة أكبر البلدان الناشئة، خاصة الموجودة ضمن قائمة الدول الأشد فقراً، الأمر الذي دفع بالمؤسسات الدولية المعنية إلى التحذير من مغبة أن تتحول «حمائية» الغذاء إلى حالة طبيعية جديدة بعد الوباء. فالحكومات باتت مطالبة الآن أكثر من أي وقت مضى، بشيء محوري وسريع، وهو معالجة الاضطرابات في سلاسل الإمداد الغذائي، لتجنب أزمة مهيأة دائماً للتفاقم، استناداً إلى كثير من التجارب في التاريخ الحديث.
كانت الإمدادات الغذائية العالمية قبل «كورونا» معقولة من حيث الزخم، لكن أسعارها بدأت بالارتفاع تدريجياً، لسبب خطير جداً، وهو أن الظواهر الجوية الناجمة عن التغير المناخي الخطير، صارت أكثر حضوراً وتأثيراً على الساحة. و«يتمترس» الموردون وراء هذه الحجة، وهي بلا شك وجيهة، إلا أن المجتمع الدولي ليس مستعداً للقبول بها، لأن ارتفاع أسعار السلع والمواد الأولية الغذائية، يضرب مباشرة كل البرامج التي أطلقتها الأمم المتحدة للحد من الجوع حول العالم، ولخفض معدلات الفقر، خصوصاً في البلدان الأشد فقراً. ومع انفجار الأزمة التي خلفتها «كورونا»، صار التحكم بالتوريد والأسعار شائعاً، و«مشاعر الحمائية» ارتفعت بصورة خطيرة، في ميدان يختص بالمجتمعات مباشرة، أي باللقمة التي تحاول جهات دولية عديدة إبعادها عن ساحة التجاذبات الاقتصادية. 
الآفات التي تضرب المحاصيل الزراعية كثيرة، والأمر لا يتعلق فقط بوباء قد تنتهي آثاره في المرحلة اللاحقة. ففي العام الجاري دمرت أسوأ آفة للجراد منذ 70 عاماً المحاصيل الزراعية في شرق أفريقيا. وفي العام الماضي ارتفع سعر الذرة (الطعام الأساسي في بلد مثل كينيا) 60%، ثم أتى «كورونا» بعد ذلك ليضاعف خطر ارتفاع أسعار الغذاء عالمياً. واستناداً إلى الأمم المتحدة، فإن الغذاء يمثل ما بين 40 إلى 60% من سلة الاستهلاك، وهو ما يمثل نحو 5 إلى 6 أمثال حصتها في الاقتصادات المتقدمة. ورغم أن مخزون الحبوب العالمي كاف، إلا أنه سينضب بسرعة مع تعطيل الوباء لحركة الإنتاج الغذائي ولعمليات التوزيع. وهذا يعني أن أسعار هذه السلعة المحورية سترتفع لا محالة، إذا لم يتم ضبتها عالمياً باتفاق دولي يُرضي كل الأطراف.
إمدادات الغذاء كانت كافية قبل «كورونا»، ولكنها ليست كذلك بعده، وإن لم تدخل النفق الخطر بعد. ورغم أن سلاسل الغذاء تكفي لإطعام سكان الأرض البالغ عددهم 7.8 مليار نسمة، إلا أن أكثر من 820 مليون نسمة يتضورون جوعاً، ويعيشون في فقر مدقع.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©