الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

التغيير: قصة شركتين

حمد عبيد المنصوري
13 يوليو 2020 01:55

هل تتذكرون كوداك؟ كانت كاميرا عجيبة حقاً، وكانت محل تقدير الملايين ممن وفرت لهم صوراً فورية عالية الوضوح، القصة باختصار أن كوداك تربّعت على عرش القمة في عام 1996، ثم بدأت تهوي سريعاً إلى أن وصلت لحظة الحقيقة، فأعلنت إفلاسها في 2012. 
كيف تحولت واحدة من أبرز قصص النجاح العالمية إلى قضية إفلاس؟ 
لم يكن ينقص كوداك المال، ولا الموارد، ولا المواهب الإدارية، وكان انتشارها واسعاً بحجم العالم، لكن مشكلتها الوحيدة أنها ترددت قليلاً في التجاوب مع المتغيرات، أو لنقل: إنها تأخرت في استشراف تلك المتغيرات. 
في عصرنا الراهن، العالم لا يتغير خطياً، بل باضطراد، مسار التطورات في عالم اليوم أشبه بطريق سريع قد ينعطف فجأة وبشكل حاد، على ذلك الطريق كانت كوداك تسير بأقصى سرعتها، لكن عينها لم تكن على الآتي بقدر ما كانت تركز في لحظتها الراهنة، فلم تلحظ وجود المنعطف، إلا بعدما خرجت من الطريق إلى الأبد. 
بعد ذلك الحدث بسنوات، كشف أرشيف الشركة أن أحد كوادرها كان قد قدّم فكرة تطويرية إلى المعنيين، تتلخص في تطوير كاميرا رقمية، قام الرجل بطرح فكرته ودافع عنها أمام المسؤولين، ونجح في إيصالها إلى مجلس الإدارة، بعد نقاشات قصيرة سقطت الفكرة، إذ كان الرد فاتراً، وتراوح بين عدم الاكتراث والرفض. 
جرى رفض الفكرة لسببين: الأول هو أن الشركة تراهن على الصور عالية الوضوح، والكاميرا الرقمية لا توفر تلك الميزة (كانت تقنية التصوير الرقمي في بداياتها في ذلك الوقت)، أما السبب الثاني فهو أن قسماً كبيراً من أرباح الشركة يأتي من الورق، باختصار كان لسان حال المجلس هو: لماذا نشغل أنفسنا بفتح باب جديد، إذا كان ما نقوم به يدرّ علينا ذهباً؟
على ما يبدو، هذا المنطق لا يتلاءم مع العصر الرقمي. 
في مقابل قصة كوداك، كانت شركة نيتفليكس في 1997 محدودة الحجم والأثر، وكانت تمشي الهوينا، وأمامها أفق متواضع من التطور، كان مؤسسها «ريد هاستنغ» يعمل بمساعدة فريق صغير من الموظفين، في توزيع أقراص ال «دي في دي» على عتبات البيوت. 
لكن هاستنغ ورفاقه لمحوا وميض فرصة تلوح في أفق التحولات الرقمية الجارية في العالم، فأطلقوا خطة الانتقال إلى خدمة البث الرقمي، وفي العام 2011 أطلقوا أول خدماتهم في هذا المجال، وفي خلال ثماني سنوات فقط، حققت نيتفليكس المكانة التي يعرفها الجميع اليوم، وقفزت قيمتها السوقية إلى 150 مليار دولار. 
في عالم اليوم، التغيرات أمر حتمي، وغالباً ما تكون مفاجئة، والأذكياء هم من يلتقطون وميضها عن بعد، ثم يكيّفون خططهم لاغتنام الفرص وقطف الثمار.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©