الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

صندوق إنقاذ أوروبا من نفسها!

صندوق إنقاذ أوروبا من نفسها!
26 يوليو 2020 00:59

«فرنسا وألمانيا تقاتلان من أجل مصلحة الاتحاد الأوروبي». 
إيمانويل ماكرون، رئيس فرنسا 

 أثبت الاتحاد الأوروبي مرة أخرى، أنه قادر على النجاة في أوقات الأزمات. بعض المشككين في مصير هذا الاتحاد، راهنوا «بخجل» على بداية نهايته، بفعل الأزمة الاقتصادية الراهنة التي خلفها تفشي وباء كورونا المستجد. الشعبويون هنا وهناك على الساحة الأوروبية، وجدوا في هذه الأزمة فرصة لتفكيك تكتل لا يحبونه، وقاموا بالفعل بموجات من الانتقادات له، رابطين ذلك بفشل الاتحاد فعلاً في الوقوف الفوري إلى جانب الدول الأوروبية التي أصيبت أولاً وبقوة بهذا الوباء. وقد اعترف المتحمسون للاتحاد بذلك، وتحركوا لتصويب ما أمكن من أخطاء بأسرع وقت ممكن، واندفعوا للوصول إلى اتفاق لإنشاء صندوق الإنقاذ الأوروبي، الذي سيكون بمثابة قارب النجاة للاتحاد، على الصعيدين الاقتصادي والسياسي والمعنوي أيضاً. فالتكتل سيدافع عن نفسه حتى آخر «طلقة» صادقة، ولن يتخلى عن مكتسبات تراكمت على مدى أكثر من خمسين عاماً. 
 لنترك جانباً، غضب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من بعض الدول الأوروبية «المقتصدة» -كما وصفها، في القمة التي أُطلق فيها صندوق الإنقاذ الأكبر في تاريخ الاتحاد. فمهما كان مستوى معاندة هذه الدولة أو تلك لموقف باريس، ففرنسا ستظل دائماً صاحبة الكلمة الراجحة، خصوصاً فيما يرتبط بمصير التكتل وصيانته وحمايته من الاضطرابات التي تقع بين الحين والآخر. ظهر الصندوق في النهاية بـ1824 مليار يورو، مع بعض التنازلات الطفيفة من جانب فرنسا وألمانيا، لما يمكن أن نصفها بالدول المقتصدة (النمسا، والسويد، وهولندا، والدنمارك). وهذه الأخيرة لا تريد الاقتراض من أجل المنح، وسعت لأن تكون المنح أقل من 400 مليار يورو، بينما باريس وبرلين تريدان أن تكون أعلى من ذلك. 
 لا شك في أن سلوكيات الدول «المقتصدة» تستند بصورة (غير معلنة بالطبع)، إلى الإمكانية الواردة دائماً، وهي أن ألمانيا ستحسم في النهاية الأمور المالية الخلافية على حسابها، وكذلك فرنسا، وعلى هذا الأساس فإن العناد قد يؤدي إلى نتيجة، ولاسيما أن ذلك حدث بالفعل في محطات أوروبية سابقة. وأياً كانت النتيجة، فقد نجح «الكبيران» في إطلاق صندوق مالي تاريخي، لا يواجه إفرازات الأزمة الاقتصادية فقط، بل يتقاطع مع مرحلة التعافي المرجوة من قبل الجميع. فالركود الأوروبي كبير، وهو الأعمق منذ 80 سنة على الأقل. وإذا ما نجحت حزمة الإنقاذ هذه، فإن أوروبا ستشهد بالفعل تعافياً قبل نهاية العام الجاري. وهذا ما يفسر، مثلاً، ارتفاع الأسواق الأوروبية إلى أعلى مستوى في أربعة أشهر، فور الإعلان عن صندوق الإنقاذ. 
 ولكن الأهم من هذا كله، أن الاتحاد الأوروبي أظهر قوة كبيرة، في ظل هشاشة اقتصادية فرضتها جائحة لا أحد في العالم توقعها. كما أنه أسكت أصواتاً أوروبية، كانت تروج منذ البداية لانهياره، وللعودة إلى «كانتونات» أوروبية، ليست سوى «وصفة مثالية» لاضطرابات اقتصادية حمائية في قارة تمثل محوراً رئيسياً للاقتصاد العالمي. 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©