عدد اليوم
حسام عبد النبي (دبي)
رسخت أبوظبي مكانتها كمركز عالمي جديد لتوفير التمويل للمشاريع المستدامة بمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، عبر عدد من المبادرات والخطوات التي يقودها سوق أبوظبي العالمي، بحسب مديرين تنفيذيين في عدد من البنوك العالمية العاملة بالسوق المحلي.
وقال هؤلاء لـ«الاتحاد»: أثبت سوق «أبوظبي المالي العالمي» نجاحه في تعزيز وتطوير قطاع التمويل المستدام وتعزيز الاستدامة من خلال إطلاق العديد من المبادرات والبرامج وتوقيع الاتفاقيات، مؤكدين أن مبادرات السوق شملت تنظيم ملتقى أبوظبي للتمويل المستدام، وريادة جهود إطلاق المبادئ الإرشادية للتمويل المستدام، وإعلان أبوظبي للتمويل المستدام، بالإضافة إلى إبرام العديد من الاتفاقيات مع الجهات المختصة مثل وزارة التغير المناخي والبيئة، وغيرها من المساهمات التي عززت جهود السوق نحو دعم أجندة التنمية المستدامة 2030 لدولة الإمارات.
وقررت عدد من الجهات التنظيمية الحكومية والأسواق المالية في دولة الإمارات، تشكيل مجموعة عمل مشترك، هي الأولى من نوعها، للعمل معاً على تأسيس إطار عام محفز للتمويل المستدام، تشمل مهامه الرئيسية تسهيل وتمكين الاستثمارات المستدامة الحالية والجديدة في دولة الإمارات.
وتشمل قائمة الأعضاء: وزارة التغير المناخي والبيئة، مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، هيئة الأوراق المالية والسلع، هيئة التأمين، سلطة تنظيم الخدمات المالية لدى سوق أبوظبي العالمي، سلطة دبي للخدمات المالية التابعة مركز دبي المالي العالمي، مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي، سوق أبوظبي للأوراق المالية، سوق دبي المالي، وناسداك دبي.
كما تعاونت مجموعة العمل مع اللجنة الوطنية لأهداف التنمية المستدامة في دولة الإمارات، لضمان مواءمة جهودها مع الأولويات الرئيسية للدولة، في خطة أبوظبي لعام 2030، ومواكبة أحدث التوجهات والتطورات المرتبطة بأهداف التنمية المستدامة.
ستعمل المجموعة، على تطوير مجموعة من المبادئ التوجيهية الخاصة بالتمويل المستدام في الدولة، لتشجيع وتطوير الفرص الاستثمارية، ورفع مستوى جودة الاستثمارات المستدامة.
فرص التمويل
وقال محمد سلامة، رئيس الخدمات المصرفية العالمية، في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى بنك ستاندرد تشارترد، إن البنك شارك في تنظيم طاولة مستديرة في سوق أبوظبي العالمي حول تحديات وفرص التمويل المستدام في دولة الإمارات، لينتج بعدها ورقة بيضاء بالشراكة مع «مصدر»، من أجل تقديم رؤيته حول أفضل الممارسات الحالية، والإرشادات حول كيفية معالجة العديد من التحديات الرئيسية التي تواجه المشاركين في السوق. وأكد سلامة أن جائحة «كوفيد-19» شكّلت بعض العوائق في وجه جهود النمو والاستدامة في جميع أنحاء العالم، إلّا أنها ساهمت أيضاً بتسريع التحوّل إلى مستقبل أكثر استدامة، خصوصاً أن أسواق المنطقة هي الأكثر تأثراً بالضغوط البيئية والاجتماعية.
وأضاف رئيس الخدمات المصرفية العالمية، لدى بنك ستاندرد تشارترد، أن أبوظبي تبوأت مكانة رائدة في مجال تنفيذ المشاريع المستدامة والخضراء على مستوى المنطقة، ويمكنها الاستفادة من تجربتها الغنية في مشروع «محطة نور أبوظبي» للطاقة الشمسية (أكبر مجمع للطاقة الشمسية في العالم)، ومحطة إنتاج المياه بالتناضح العكسي في مجمع «الطويلة» (أكبر محطة من نوعها في العالم)، بالإضافة إلى محطات تبريد المناطق، حيث يمكن اعتبار هذا النوع من المشاريع «خضراء».
منتجات مبتكرة
ومن جهته، قال مارتن تريكو، الرئيس التنفيذي لبنك إتش إس بي سي (HSBC) في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا، إن البنك عمل على تطوير سوق التمويل المستدام في المنطقة، ليس فقط عن طريق المساعدة في تنفيذ الصفقات الكبيرة والمعقدة، ولكن أيضاً من خلال دفع عجلة ابتكار منتجات جديدة مثل القروض المرتبطة بالاستدامة.
ووفقاً لنتائج بحث أجرته شركة «مورنينغ ستار» في فبراير 2020 فإن المستثمرين ضخوا رقماً قياسياً في خيارات الاستثمار المستدام في عام 2019، مجموعه 130 مليار دولار، بينما مثلت خيارات الاستثمار المستدام في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2019، أكثر من ثلث تدفقات العام البالغ مجموعها 52 مليار دولار.
وقدرت وكالة «بلومبرغ»، حجم إصدار السندات المستدامة عام 2019 بحوالي 300 مليار دولار، مقابل 30 مليار دولار قبل 5 سنوات فقط، أي في عام 2014.
تعزيز التمويل
وتضمنت الجهود لترسيخ مكانة الإمارة كمركز عالمي جديد، توقيع سوق أبوظبي العالمي، مذكرة تفاهم مع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا)، للتأكيد على التزام الطرفين المشترك لتعزيز التمويل المستدام في دولة الإمارات والمنطقة كافة، وكذلك الترويج للحلول التي من شأنها تسهيل الاستثمار في الطاقة المتجددة.
وبموجب الاتفاقية، تلتزم الجهتان بالتعاون المشترك لتسهيل الاستثمار في الطاقة المتجددة، ودعم تطوير بيئة عمل للتمويل المستدام تشمل الطاقة المتجددة.
كما تنص الاتفاقية أيضاً على الالتزام بدعم المبادرات الحالية في مجال الاستدامة، وأن يبحث الطرفان سبلاً جديدة لدعم المبادرات المحلية، والترويج المتبادل لمنصاتهما، وتبادل المعلومات حول الأحداث المهمة والدعم لتعزيز الأهداف والمبادرات والفعاليات المشتركة.
وفي الإطار ذاته، أبرمت سلطة تنظيم الخدمات المالية، التابعة لسوق أبوظبي العالمي، مذكرة تفاهم مع هيئة أسواق رأس المال في كينيا، لتعزيز سبل التعاون المشترك في مجال التمويل المستدام في أسواق كل منهما، وبما يسهم في توسيع نطاق الخدمات التمويلية المستدامة لسوق أبوظبي العالمي، لتشمل دولة كينيا في قارة أفريقيا.
وتشكل مذكرة التفاهم إطاراً لكلا الجهتين لتبادل المعلومات المتعلقة بالمنتجات والخدمات والمبادرات، بالإضافة إلى تطوير الأطر التشريعية والتنظيمية والمؤسسية لتمكينهما من تسهيل ودعم التمويل المستدام.
المنتجات الخضراء
وضمن إطار الجهود لترسيخ مكانة أبوظبي كمركز إقليمي لإصدار السندات والصكوك الخضراء للمشاريع المستدامة في الإمارة وجميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، أعلنت دائرة الطاقة في أبوظبي عن مبادرة «السندات الخضراء» كمبادرة مشتركة بين دائرة الطاقة، وسوق أبوظبي العالمي، وسوق أبوظبي للأوراق المالية من أجل دعم التمويل المستدام في المنطقة.
وتستهدف المبادرة تطوير آلية العمل والسعي نحو خلق إطار تنظيمي للسندات الخضراء، ومن ثم إنشاء جهة إصدار السندات الخضراء في أبوظبي، وبما يؤدي إلى إنشاء مركز عالمي لاستثمار السندات الخضراء في الإمارة، حيث تصل قيمة سوق السندات الخضراء في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا إلى أكثر من ملياري دولار أميركي، مع إمكانية تحقيق المزيد من النمو.
ما هو التمويل المستدام؟
تعرف وكالة «إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية» التمويل المستدام، بأنه يركز على حث الشركات في النظام المالي على إدخال أهداف ممارسات الحوكمة والبيئة والمسؤولية الاجتماعية في أنشطتهم وتخصيصاتهم لرأس المال.
وقالت: إن (التمويل المستدام) بالنسبة لأي كيان، ينطوي على التركيز على تعزيز أدائه عبر ممارسات الحوكمة والبيئة والمسؤولية الاجتماعية.
ونوهت بأن التمويل المستدام يشمل أيضاً سوق السندات، من خلال إصدار سندات خضراء مسؤولة اجتماعياً ومستدامة، حيث تكون العوائد محصورة فقط للأصول ذات الأغراض البيئية، أو الاجتماعية، أو كليهما معاً.
