الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الصراع على «تيك توك»!

حمد عبيد المنصوري
10 أغسطس 2020 01:21

بصرف النظر عن رأينا في «تيك توك»، وما إذا كان ملائماً أم لا، فلهذا التطبيق قصة تُروى، ويستفاد منها. فهو لم يكد يخرج إلى النور في 2016 حتى اندفع مثل تنّين أسطوري، وراح يجتاح «سوق» التواصل الاجتماعي، مبعثراً الكثير من الأوراق. 
وفي أقل من عام، كان التطبيق يقفز خارج حدود منشئه الأم «الصين»، فارضاً نفسه ندّاً قوياً للكبار في عالم النت بعدما استحوذ على منافسه الأبرز (Musical.ly) في صفقة بلغت قيمتها مليار دولار. 
وفي خلال تلك الفترة القصيرة، استطاع التطبيق أن يستحوذ على 800 مليون مستخدم نشط حول العالم، وله في الصين وحدها نحو 150 مليون مستخدم نشط يومياً، وفي الولايات المتحدة 80 مليون مستخدم نشط يومياً. ومعظم هؤلاء من المراهقين. 
وفي تجسيد للصراع الأزلي بين القديم والجديد، شهد العالم خلال العامين الأخيرين تناحراً محموماً بين «تيك توك» الصاعد، والذي يصنّف على أنه شركة ناشئة، وبين تطبيق «يوتيوب» الذي وجد نفسه فجأة مثل ديناصور يصارع من أجل المحافظة على بقائه. 
في الحرب بين التطبيقين استّخدمت أسلحة عديدة. ففي الهند مثلاً سعى أنصار «يوتيوب» للحط من مكانة «تيك توك»، واصفين إياه بأنه تطبيق للرعاع وأبناء الطبقات الدنيا وقليلي الثقافة، في مقابل «يوتيوب» الذي وصفوه بأنه تطبيق الطبقات الراقية والمثقفة. 
لم تفلح محاولات تطويق «تيك توك» لأن كلمة جمهور المستخدمين كانت هي الأعلى. وفي خضم ذلك الصراع، واصل «تيك توك» اجتياحه السريع، غير مكترث بالكثير مما يقال، محققاً تقييماً بعشرات المليارات من الدولارات، وموشكاً على إزاحة أسماء كبرى من طريق المنافسة لولا أنه ارتطم بجدار المنع النهائي في الهند، حيث أصدرت السلطات في يونيو الماضي قراراً بحظر 59 تطبيقاً من بينها «تيك توك». 
كانت تلك ضربة قوية للتطبيق، لكن الضربة الأقوى تمثلت في إقحامه في التجاذب الأميركي الصيني، وما تلا ذلك من تهديدات بالحظر، ثم دخول «مايكروسوفت» على خط محاولات الاستحواذ. 
في الحرب على «تيك توك» ثمة أبعاد تجارية، وأخرى سياسية، وثالثة تتعلق بمخاوف الأمن السيبراني، وربما هنالك أسباب أخرى عديدة. ولا ندري أياً من تلك الأسباب له النصيب الأكبر من الوجاهة والمنطق. لكننا نعتقد أن أحد العناوين المناسبة لقصة «تيك توك» هو أن المستقبل لمن يبتكرون، وأن الأفكار أصبحت هي العنصر الأقوى في التنافس. 
جانب آخر تكشف عنه هذه القصة، وهو أن السبب الحقيقي للتجاذب بين القوى والدول على «تيك توك» هو الصراع على الجيل الجديد، جيل العصر الرقمي، لأن من يكسب أطفال اليوم، يفوز برجال الغد ونسائه.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©