السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

رأي وتحليل: التحديات العالمية تعيد الاعتبار للتنمية المستدامة

رأي وتحليل: التحديات العالمية تعيد الاعتبار للتنمية المستدامة
4 سبتمبر 2020 00:42

محمد سيف السويدي*

يشهد عالمنا تحديات غير مسبوقة، نتيجةً لتأثيرات جائحة «كوفيد-19» والتي من المتوقع أن تستمر آثارها على المدى البعيد، فعلاوة على التحدي الكبير الذي فرضه الوباء على القطاع الصحي، فقد ترك تأثيراً سلبياً على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، إذ فقد الملايين وظائفهم، ويواجه آخرون عواقب تؤثر على حياتهم ومعيشتهم اليومية. 
وبسبب ما أحدثه «كوفيد-19» من تباطؤ في الاقتصاد العالمي، اندفع البعض للبحث عن وسائل بديلة للعيش، واتسعت الفجوة بين الدول المتقدمة والنامية، لتغدو الدول الأقل نمواً الأكثر تأثراً بتداعيات هذا الوباء الذي أرخى بثقله على أنحاء المعمورة، وتأثرت أهداف التنمية المستدامة التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 2015، بهدف تحقيق مستقبل أكثر استدامة للمجتمعات بحلول 2030.
وعلى الرغم مما سبق، غيرت الجائحة نظرة العالم لكثير من الأمور، وأعادت الاعتبار للنمو المستدام، فمثلاً، أسهمت الأزمة في تغيير وجهات نظر سابقة نفت الارتباط الوثيق بين السلوك البشري والبيئة والاقتصادات، وأصبح هناك إجماع واسع اليوم، بأن خطورة التغيّر المناخي لا تقل أهمية عن الأزمة التي تسبب بها وباء «كوفيد-19»، ومن شأن هذا التغير أن يدفع الحكومات إلى تبني خطوات عاجلة، إذ سلّطت الأزمة الصحية الضوء على ممارساتنا التصنيعية والإنتاجية التي تتسبب بالتلوث والهدر، وجعلتنا ندرك ضرورة التوافق بين الإنتاج ودورات الاستهلاك، لضمان مستقبل مستدام، وهو ما يسعى صندوق أبوظبي للتنمية إلى تحقيقه.
وخلال العقود الخمسة الماضية، عمل الصندوق على تعزيز التنمية المستدامة حول العالم، والمساهمة في دعم جهود التنويع الاقتصادي التي تبذلها دولة الإمارات، عبر تمويل مشاريع مستدامة بيئياً واقتصادياً في قطاعات رئيسة، تشمل، مثلاً، مشروعاً مبتكراً في المالديف، يهدف للتغلب على تحديات إدارة النفايات وإنتاج الطاقة في البلاد بطريقة صديقة للبيئة، ومشروع شركة «الظاهرة القابضة» التي تدعم مبادرات الأمن الغذائي، و«محطة تحويل النفايات إلى طاقة في الشارقة»، وهو مشروع مشترك بين «مصدر» و«بيئة» يسهم في تعزيز مكانة الإمارات الرائدة في تطوير المشاريع المستدامة. 
كما شكلت المبادرة النوعية التي أطلقها صندوق أبوظبي للتنمية في العام 2013، والبالغة قيمتها 350 مليون دولار لدعم مشاريع الطاقة المتجددة، محركاً رئيساً لجهود تطوير قطاع الطاقة المتجددة على مستوى عالمي، وهي تضاف إلى جهود الصندوق على مدار السنوات السابقة في دعم هذا القطاع، والتي أسهمت في تمويل 78 مشروعاً بقيمة إجمالية بلغت نحو 4.4 مليار درهم، استفادت منها 62 دولة.
واللافت أن هذه المبادرة، إضافة إلى المساهمات الأخرى، حققت نتائج في مهمة، إذ مكّنت الدول المستفيدة من توليد الكهرباء من مصادر مستدامة وبأسعار معقولة، كما ساهمت في إيصال خدمات الكهرباء إلى مئات القرى الصغيرة، إضافة إلى دورها الريادي في الحفاظ على البيئة وتخفيض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، والحد من تداعيات التغيّر المناخي.
وفي ظل تحوّل تركيز الشركات إلى ممارسات تصنيعية أكثر استدامة، يتحتّم على الحكومات والمؤسسات التمويلية دعم هذه المساعي، والتركيز على المشاريع المستدامة والمبتكرة، خاصة أن المؤسسات المعنية بالتمويل التنموي تؤدي دوراً محورياً في عملية التحوّل من خلال جهود الشراكات والتعاون الدولي، التي تحفز الإبداع، ومن شأن هذه الخطوات دعم جهود الأهداف الـ17 للتنمية المستدامة، ما يضمن تحقيق الازدهار والتطور في العالم.

*مدير عام صندوق أبوظبي للتنمية

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©