الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الحكومة الرقمية (3): تطبيق «لكل الأشياء»

الحكومة الرقمية (3): تطبيق «لكل الأشياء»
7 سبتمبر 2020 01:03

عندما أشرنا في المقال السابق إلى تجربة التطبيق الصيني «ويشات»، لم نقصد تسليط الضوء على تطبيق بعينه، إنما الحديث عن ظاهرة متنامية واتجاه يزداد وضوحاً نحو استخدام التطبيقات السوبر (Super Apps) كمنصات لتقديم طيف واسع من الخدمات التي يحتاجها الأفراد. إن هذا الاتجاه هو أحد تجليات نموذج المجتمع الرقمي الآخذ في التبلور في العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين. الفلسفة الكامنة وراء هذا الاتجاه تستحق التأمل. ويمكن اختصارها بالآتي: لقد عاش العالم طفرة في إنتاج وتطوير التطبيقات الذكية خلال السنوات الأخيرة، حتى وصلنا في ذروة تلك الطفرة إلى مفهوم «لكل شيء تطبيق». وعلى خط مواز، كان مبدعو شركة «تنسنت» يحللون المعطيات بدقة، ويرصدون تحوّل المزاج العام من الانبهار بعالم التطبيقات المدهش إلى الشعور بالمتاهة نتيجة أعدادها الهائلة، واضطرار المستخدم للانتقال من تطبيق لآخر كلما احتاج خدمة أو معلومة مختلفة. 
هكذا قادت «تنسنت» الاتجاه نحو نموذج جديد ينتقل من «لكل شيء تطبيق» إلى «تطبيق لكل الأشياء». من البديهي القول هنا إن عبارة «كل الأشياء» هي عبارة مجازية، إذ لا يمكن قطعاً تقديم كل شيء عبر منصة واحدة. لكن بالإمكان تقديم عدد كبير مما يلزم الفرد لتكون حياته أكثر سهولة وسعادة. 
ظاهرة التطبيقات السوبر اتسعت خلال السنوات العشر الأخيرة، وبدأ يتضح أكثر فأكثر أنها تشكل ظاهرة مستقبلية لا يمكن تجاهلها. وهنا في دولة الإمارات نجد أمثلة عديدة منها موجودة حالياً، إلا أن الأبرز كان هو تطبيق «كريم» الذي انطلق من الإمارات ليصبح تطبيقاً عالمياً استحوذت عليه «أوبر» بمبلغ 3.1 مليار دولار في 2019. فقد انتقل التطبيق من تقديم خدمة النقل إلى توصيل الطعام وتحويل الأرصدة المالية وغيرها. وفي العام الماضي أيضاً، أعلنت فيسبوك التي يبلغ عدد «سكانها» قرابة 3 مليارات إنسان أنها تسير على خطى ويشات، وأنها بصدد طرح تطبيق «لكل الأشياء». 
هل يمكن للحكومات أن تستمر بمعزل عن هذه الظاهرة؟  
إن اقتراب الحكومات أو ابتعادها عن نموذج «التطبيق السوبر» لتقديم خدماتها يجب أن يسبقه حسم بعض النقاشات التي أرى أنها عالقة وبحاجة إلى حسم سريع. أهم تلك النقاشات يتعلق بوجود الخدمات الحكومية على منصات خاصة، ووجود الخدمات الخاصة على منصات حكومية، أو بالأحرى وجود الخدمات الحكومية والخاصة ضمن سلّة واحدة على منصات وطنية مشتركة.  
لتوضيح الصورة أكثر:
اليوم هنالك تطبيق يتيح لك الحصول على خدمة تجديد رخصة القيادة ودفع المخالفات المرورية (تطبيق حكومي)، وآخر يسمح لك بنشر إعلان لبيع سيارتك، وثالث يوفّر خدمة طلب وجبة غذائية، ورابع يُمكنك من حجز سيارة أجرة، وتطبيق لطلب خدمة إصلاح جهاز التكييف بالمنزل وهكذا. السؤال المركزي: هل يمكن جمع كل هذه الخدمات في تطبيق واحد؟ 
هذا السؤال في ظني، يعبر عن نقطة مركزية على طاولة النقاش حول مستقبل الحكومة الرقمية/ ‏الأمة الرقمية... 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©