الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الدعم الحكومي عزز الاستثمار الأجنبي بالإمارات

الدعم الحكومي عزز الاستثمار الأجنبي بالإمارات
13 سبتمبر 2020 00:46

يوسف البستنجي (أبوظبي)

ساهمت برامج الدعم الحكومي في سرعة تعافي الاقتصاد الوطني، وعززت جاذبية أسواق الدولة للاستثمارات الأجنبية، ووضعت الإمارات في مقدمة قائمة الدول الأكثر تنافسية في القدرة على جذب المستثمرين ورؤوس الأموال، وحولت الدولة إلى قبلة للباحثين عن مكان مرموق في المستقبل، بحسب خبراء اقتصاديين.
وكشف الخبراء لـ«الاتحاد» عن استعداد بنوك استثمارية، وشركات كبرى في أوروبا وأميركا، لضخ عشرات المليارات من الدولارات في السوق الإماراتية في قطاعات العقار والصناعة والزراعة، وغيرها من الفرص الاستثمارية التي لا تزال تحقق عائداً أفضل للمستثمرين من الأسواق الأخرى، موضحين أنه في ظل انخفاض أسعار الفائدة عالمياً، وانخفاض سعر الدرهم مقابل العملات غير الدولارية، تتمتع الدولة بعناصر الأمن والأمان التي عززت من جاذبية الدولة للمستثمرين العالميين. 

وعلى الرغم من أهمية الآثار الإيجابية التي تركها الدعم الحكومي على سرعة تعافي قطاعات الأعمال، فقد شدد الخبراء على أهمية أن يتوقف اعتماد الشركات والمستثمرين على الدعم الحكومي، وأن يتم وضع خطة ورؤية استراتيجية دقيقة تحدد أهداف تشجيع الاستثمار الأجنبي، بالتركيز على النوعية والقيمة المضافة التي يحققها للاقتصاد الوطني. وطالبوا بضرورة أن يتجه الدعم للقطاع الخاص الوطني القادر على تحقيق التوازن في العلاقات التجارية مع الشركاء في الخارج، ويدعم ميزان المدفوعات للدولة، ويقلص العجز فيه، بعيداً عن الاعتماد على الصادرات الهيدروكربونية، مرجحين أن ترتفع قيمة التدفقات الرأسمالية الأجنبية للسوق المحلية بنسبة تتجاوز 10% خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2021.

تخطي التداعيات
وقال نجيب الشامسي، مدير عام «المسار» للدراسات الاقتصادية، إن برامج الدعم الحكومية ساعدت الاقتصاد الوطني على تخطي آثار وتداعيات جائحة كوفيد-19، وقدمت دعماً مهماً للعديد من قطاعات الأعمال في الدولة، لكن المهم أن تتمكن هذه القطاعات من الاعتماد على نفسها الآن، مؤكداً أهمية الدعم الحكومي، لكنه في الوقت ذاته أوضح أن الاقتصاد الوطني لا يمكن أن يستمر بالاعتماد عليه وحده على المدى البعيد.
ولفت إلى أن دولة الإمارات تعتبر إحدى أكبر الدول المصدرة لرأس المال في الأسواق العالمية، ولذلك لا توجد أزمة تمويل، أو أزمة سيولة، أو شح في رأس المال في الدولة، وإنما المطلوب هو استراتيجية واضحة وهادفة لطبيعة ونوعية الاستثمارات الأجنبية المطلوبة للاقتصاد الوطني، التي من شأنها أن تضيف قيمة جديدة تحسن تنافسية المنتج الوطني، وتسهم في وصول المنتجات الوطنية للأسواق العالمية، وتكون قادرة على إعادة إنتاج ذاتها بذاتها والتطور أيضاً، من دون دعم حكومي، وتسهم في تقليص عجز ميزان المدفوعات للدولة (من دون القطاع الهيدروكربوني).
وأكد الشامسي أن الاستراتيجية الاستثمارية يجب أن تكون دقيقة في تحديد الأهداف المطلوبة، بحيث يحظى الاقتصاد الوطني بالتنوع من جهة، وتتمكن الدولة من بناء قطاع خاص وطني متطور وفعال، من جهة أخرى.

رؤية ثاقبة
وقال أحمد الدرمكي، خبير اقتصادي، إن إطلاق المبادرات الاقتصادية التحفيزية خلال فترة جائحة كوفيد- 19، من قبل القيادة الرشيدة، يدل على الرؤية الثاقبة المبنية على استراتيجيات وأولويات حكومة دولة الإمارات، والربط والمواءمة مع المبادرات والسياسات المحلية.
وأضاف: «أدت هذه المبادرات إلى التعافي والحد من فقدان وظائف العمالة، وتعافي الأنشطة التجارية، وإعادتها إلى المستويات الأساسية، بالإضافة إلى استغلال الفرص المتاحة للاستثمار في زيادة الإنتاجية وتسريع نمو الاقتصاد الوطني، وتعزيز الأمن الغذائي من خلال تغطية المجالات الرئيسة، مثل التجارة والشركات الصغيرة والمتوسطة والعمالة، وغيرها من الأنشطة». وقال: «تضمن هذه المبادرات التحفيزية منح ضمانات قروض لتغطية النفقات التشغيلية للشركات الصغيرة والمتوسطة المتأثرة بالجائحة، فضلًا عن تقديم الحكومة تسهيلات ضمان ائتمان للصناعات بشكل عام، كما ساهمت هذه المبادرات بترويج وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر في الدولة، من خلال تعزيز السيولة للبنوك من قبل المصرف المركزي، وتوفير تسهيلات ائتمانية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة»، موضحاً أن هذه السياسات ستسهم في استعادة معدلات الاستثمار الأجنبي المباشر، وجعل الدولة ضمن قائمة الوجهات الاستثمارية الأبرز في العالم. كما لفت إلى أن الدولة تشجع الاستثمار من خلال استهداف وجذب المخترعين والمبتكرين، عبر حماية الملكية الفكرية، وقوانين الاستثمار القائمة.
وقال الدرمكي: «المبادرات التي تم إطلاقها، أسهمت مباشرة في زيادة جاذبية الدولة للاستثمارات الأجنبية لمساعدتها على التعافي وتوسيع آفاق النمو على المدى الطويل، من خلال دراسة ومراجعة قانون الاستثمار الأجنبي المباشر وتحديثه، وفقاً للمتغيرات الاقتصادية في ظل الأزمة الراهنة، والذي سيعود أثره بالإيجاب على الشركات الأجنبية، سواء كان بشأن المتطلبات الخاصة بالتراخيص والتصاريح والتمويل والخدمات، أو غيرها من الإجراءات الإدارية، ما يزيد الخيارات مرونة واتساعاً، بشأن موقع الاستثمار للمستثمرين الأجانب في الدولة.
وأكد أن المبادرات المقدمة تزيد ثقة المستثمرين في دولة الإمارات ومؤسساتها، وتعزز قاعدة الودائع المصرفية، وتوفر المزيد من الأموال للائتمان، وبالتالي سهولة الإدارة ودعم إمكانية الوصول إلى الأسواق العالمية، بهدف تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي المدعوم بالحوافز الاقتصادية والأهداف المالية المستدامة، ما سيكون لها أثر إيجابي على مؤشرات القدرة التنافسية للدولة.

عوامل حاسمة
 قال مسعود العور، خبير عقاري والرئيس التنفيذي لشركة «ميداليون أسوشيتس»، إن 8 عوامل رئيسة كانت حاسمة في تعزيز جاذبية السوق المحلية للمستثمرين الأجانب، مؤكداً أن العام الجاري شهد قفزة نوعية في طبيعة المستثمرين المهتمين في دخول السوق المحلية للدولة.
وذكر العور أن جذب الاستثمارات الأجنبية لا يتوقف على عدد المستثمرين الأفراد وحجم رؤوس أموالهم، فقد أصبحت السوق الإماراتية محطة جذب رئيسة ضمن محطات الاستثمار العالمية الكبرى لصناديق التقاعد وشركات وبنوك الاستثمار وشركات التمويل، التي تبحث عن بيئة آمنة وفرص ذات مردود تنافسي.
وكشف عن أن الاتصالات والمباحثات التي تجريها شركات محلية مع مؤسسات استثمارية أوروبية وآسيوية، أظهرت نوايا وخططاً وشهية كبيرة لدى تلك الشركات لضخ استثمارات كبيرة، قيمتها تتجاوز عشرات المليارات من الدولارات، في السوق المحلية، ويتوقع دخولها تدريجياً، خاصة في حال تم الإعلان رسمياً عن بدء إنتاج لقاح مضاد لفيروس كوفيد- 19، أو بدء إنتاج أدوية تكبح جماح هذه الجائحة، في أي دولة في العالم.
وقال: إن البرامج الاقتصادية والتنموية والمالية والنقدية التي نفذتها الدولة خلال الأشهر الماضية، كان لها وقع إيجابي على لفت أنظار كبريات المؤسسات الاستثمارية العالمية لدولة الإمارات، متوقعاً أن ترتفع قيمة التدفقات الرأسمالية الأجنبية للسوق الإماراتية بنسبة قد تتجاوز 10% خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2021.

نقاط أساسية 
حدد مسعود العور عددا من النقاط الأساسية التي اعتبرها حاسمة في تعزيز مكانة الإمارات على خريطة الاستثمارات العالمية، ومنها بداية انحسار التوترات الجيوسياسية في المنطقة، مقارنة مع ما كانت عليه قبل عدة سنوات، وتنويع الاستثمارات التي كان معظمها يتركز في العقار، إذ أصبحت تشمل خريطة واسعة من القطاعات الحيوية والاستراتيجية، الإدارة الحكومية في دولة الإمارات التي برهنت على أنها بين الأفضل في العالم، في مجال الاستثمار في الإنسان والكوادر البشرية المتخصصة، وزيادة عوامل الرفاهية للشعب الإماراتي وسكان الدولة عامة.
وأكد توافر عوامل مهمة جداً للمستثمرين مثل الأمن والاستقرار، واستمرار العائد المرتفع على رأس المال في السوق المحلية مقارنة مع الأسواق العالمية، وتوفير بنية تحتية متطورة وبنية تشريعية وسياسات استثمارية جاذبة للخبرات والمعرفة والعلوم، والعمل على توطينها بالدولة، إضافة إلى حالة التفاؤل والأمل الكبيرين اللذين يحفزان المستثمرين على التوسع الاستثماري، مدفوعة ببرامج ومشاريع حكومية عملاقة.
وتوقع العور أن تشهد السوق المحلية تدفقاً مهماً لرأس المال الأجنبي، مدفوعاً أيضاً بانخفاض أسعار الفائدة في الأسواق الدولية التي أصبحت سالبة في بعض البلدان، إضافة إلى انخفاض سعر الدرهم، مقارنة مع أسعار العملات الأخرى غير المرتبطة بالدولار.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©