الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الحكومة الرقمية (4): خلاصة القول

الحكومة الرقمية (4): خلاصة القول
14 سبتمبر 2020 01:02

من حيث انتهينا في المقال السابق، نبدأ، ولكن مع تغيير بسيط في صيغة السؤال:
هل يكون نموذج التطبيقات الكبرى (Super apps)، هو عنوان المرحلة المقبلة من التحول الرقمي؟
الإجابة أوسع من مجرد نعم أو لا.
خلال العقود الأخيرة، تغيرت طبيعة العلاقة بين المؤسسات الحكومية تدرّجاً من «السايلو»، أي الجزر المعزولة، إلى التعاون القائم على قدر من الشفافية، ثم إلى التكامل الذي أصبح شرطاً من شروط النضج الإلكتروني/‏الرقمي، واليوم بعدما أصبح المجتمع بكل مكوناته شريكاً أساسياً في التحول الرقمي، لم يعد التكامل بين أنظمة المؤسسات الحكومية كافياً، إننا نتحدث عن البيئة الحيوية الشاملة (ecosystem) للحياة الرقمية.
في هذه البيئة النابضة بالحياة الرقمية، كل شيء يستفيد من كل شيء، وكل الاتجاهات مفتوحة للحركة، حيث تنتقل الرسائل بانسيابية بين المنصات والأنظمة والسيرفرات، محمولة على متن برمجيات صغيرة، تسمى واجهات برمجة التطبيقات (APIs)، هذه البرمجيات تشبه الخلايا العصبية في الجسم الحي.
بفضل هذه المنظومة، نحن اليوم في قلب مرحلة جديدة تتجلى في الانتقال من الحكومة الرقمية إلى الأمة الرقمية، التي تشمل الحكومة والمجتمع والاقتصاد، كمكونات ثلاث في جسد واحد، تتفاعل خلاياه معاً بطريقة حية.
هذا التغيير بعيد عن أن يكون شكلياً أو سطحياً، إنه تغيير في العمق يطال الكثير من المفاهيم.
في بيئة الـ APIs، يكون المتعامل هو صاحب الكلمة المسموعة في تحديد قنوات الخدمة، وكيفية تقديمها، وتلعب اللوغرتمات دوراً محورياً في تسهيل اتخاذ القرارات، اعتماداً على الذكاء الاصطناعي، وتتوارى الأساليب التقليدية في خدمة المتعاملين، ليحل محلها إدارة المجتمعات (community management)، ويصبح الولاء مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بمدى الشغف المتحقق من استخدام الخدمات والتطبيقات. في هذه البيئة، تصبح تجربة المستخدم هي وحدها المعيار والفيصل بالنسبة لمستوى الإقبال على هذه المنصة أو تلك. المستخدم في البيئة الرقمية لا يجامل ولا يحابي لأن خياراته واسعة، ولأنه يريد الأسهل والأسرع، أما ضبط الجودة في العالم الرقمي الجديد، فيتم عبر مؤشري أداء غاية في الأهمية هما ثقة المتعاملين، وسمعة المؤسسة أو التطبيق، وكل ذلك يجري قياسه تلقائياً من خلال الأنظمة نفسها. هذه البيئة الرقمية، هي ما يتعين علينا الالتفات إليه في المرحلة المقبلة، وبالمناسبة، هذا ليس خياراً بل ضرورة حتمية للأمم التي اختارت طريق التحول الرقمي، فالمدينة الذكية لا تقوم من دون «لغة» مفهومة، تتواصل بها ملايين الأجهزة والمنصات والمحطات، هذه اللغة هي نفسها الـ APIs، وعلينا من الآن أن نضع الضوابط والأطر التنظيمية والخطط والاستراتيجيات والسياسات اللازمة لإدارة هذه البيئة الحيوية الرقمية الجديدة، ومن لا يفعل ذلك سريعاً، سيتأخر عن الركب.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©