الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

لماذا نهتم بالقانون الدولي العام؟

لماذا نهتم بالقانون الدولي العام؟
22 سبتمبر 2020 03:42

تحدث معي زميل عن أهمية القانون الدولي العام في عالم أصبحت السيطرة فيه للقوي، وأن القانون لم يعد له احترام، واستشهد بأمثلة، منها الاحتلال المسلح، أو الاعتداءات التي تحدث بين الدول، وعدم قدرة الأمم المتحدة على التدخل الفوري لوقف المعتدي. 
مع احترامي وتقديري لرأي هذا الزميل، ولكن مجالات القانون الدولي أكبر من تلك الأمثلة، فهو مثل القانون الداخلي تتعرض أحكامه لانتهاك في بعض الأحيان. الفرق بين القانونين هو أن الدول هي المصدر الأول لقواعد القانون الدولي، بينما الحكومة هي مصدر التشريع في القانون الداخلي، ولديها الأدوات التي تعمل على إنفاذ سلطة القانون على أفراده ومحاسبة كل مخالف. 
الوضع في القانون الدولي مختلف من حيث سلطة إنفاذ أحكامه، فلا توجد سلطة عالمية مماثلة لسلطة الحكومة، لأن المجتمع الدولي يتكون من دول ومنظمات تمثل أشخاص القانون الدولي، وترتبط تصرفات هذه الدول تجاه أمر معين بمصالحها الوطنية، لذلك نرى اختلاف ردة فعل المجتمع الدولي تجاه أمر معين، باختلاف الزمان والمكان، لكن هذا الواقع لطبيعة عمل وتكوين القانون الدولي لا يعني أنه لا قيمة له، أو عدم وجود آلية لتنفيذ أحكامه، فهو ينظم جميع العلاقات الدولية، مثل وجود الأجانب في بلد آخر، والاتصالات بين الدول، ورسم الحدود البرية والبحرية، وممارسة الولاية الجنائية لدولة خارج أراضيها، وأحكام مرور السفن في المناطق البحرية، وينظم كذلك حالة الحرب، وقواعد إبرام المعاهدات الدولية، وحل المنازعات بالطرق السلمية، والتجارة الدولية، والاستثمارات الأجنبية وغيرها، لذلك، فالأصل أن الدول تلتزم بأحكام القانون في مختلف تعاملاتها. 
فيما يتعلق بالأحوال التي تكون فيها مخالفة لقواعد القانون، فهذه المخالفة هي الاستثناء، ويتم التعامل معها حالة بحالة، فإذا كانت تتعلق بتجاوز لأحكام معاهدة معينة، فيمكن للدولة المتضررة أن تلجأ لقاعدة الإجراءات المضادة لإرغام الدولة المخالفة على وقف تجاوزاتها، أو تلجأ إلى القضاء الدولي للفصل في الخلاف، إذا كان هناك موافقة من الطرفين للجوء لهذا القضاء. 
الجدير بالذكر، أنه منذ عام 1946 حتى 2019، بلغ عدد القضايا المنظورة من محكمة العدل الدولية 176 قضية، ولا يدخل في هذا العدد القضايا المعروضة أمام هيئات التحكيم المختلفة، أو أمام محكمة قانون البحار، أو تلك المنظورة أمام لجان تسوية المنازعات في منظمة التجارة العالمية، أو لجان تسوية المنازعات المنبثقة من البنك الدولي. هذا الأمر يدل على الثقة في القانون الدولي وفي أدواته لتنظيم العلاقات بين الدول وتسوية الخلافات.

مطر النيادي
مستشار في القانون الدولي العام

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©