السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

آفاق الاستثمار الأجنبي المباشر

آفاق الاستثمار الأجنبي المباشر
23 سبتمبر 2020 03:23

في ضوء التطورات الاقتصادية المتعلقة بمنظومة العولمة الاقتصادية، تزايد الاهتمام العالمي بجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة لأهميتها في دعم التنمية، والدور المتعاظم للشركات متعددة الجنسيات بنقل الاستثمارات ورؤوس الأموال من بلد لآخر من جهة، والجهود الحثيثة للمؤسسات المالية الدولية والتكتلات الاقتصادية للوصول إلى تكاملية الإنتاج بعد الثورة العلمية والتكنولوجية من جهة أخرى.  
فتشجيع الاستثمارات الأجنبية يشغل المفكرين والمسؤولين في معظم الدول المتقدمة والنامية، مع تقديم حوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالرغم من أنها ثانوية نسبياً، قياساً على عوامل أخرى، كالاستقرار السياسي والاقتصادي، والأطر التنظيمية، وتكاليف الإنتاج، والمواد الأولية، وحجم السوق والمهارة البشرية، والتي تلعب دوراً أساسياً لاستقطاب تلك الاستثمارات.
إن تطبيق مبادئ السوق الحر للنظام الرأسمالي الاقتصادي والاندماج في الاقتصاد العالمي نتج عنه ظواهر تتنوع بين منافع الاستثمار الأجنبي المباشر من جهة، وبعض المخاطر الناجمة عنه من جهة أخرى.
فالتوجهات الاستثمارية عبر الشركات متعددة الجنسية تخلق مزايا للدولة المضيفة بسبب ما تملكه من تكنولوجيا متطورة ومنصات علمية بحثية مصحوبة بأفضل الممارسات الإدارية والمهنية والفنية، إلى جانب أن الإنتاج المشترك بين البلدان المصدرة للاستثمار والمضيفة، يخلق أسواقاً، ويتيح وصول المنتجات ذات الجودة العالية لأسواق الدول المتقدمة، ما يعزز التبادل التجاري، ويرفع رصيد ومخزون العملات الصعبة للمضيف.
كما أن منهج تعظيم العوائد (الأرباح) وتقليل التكاليف يعود على المضيف بالمنفعة بإعادة الاستثمار، أو توظيف جزء من العوائد من خلال تطوير المشاريع، أو زيادة التكوين الرأسمالي، ما يعزز الكفاءة التنافسية ويطور الشركات الوطنية من جهة، وتحديث مشروعات البنية التحتية ووسائل الاتصال من جهة أخرى، معززاً نمو النواتج الوطنية. 
كما أن الاستثمار الأجنبي يساهم بتوفير فرص عمل والتخفيف من نسب البطالة مع تحسين مستوى الأجور، وزيادة التدريب واستغلال الكوادر البشرية الوطنية.
وفي مقابل هذه المنافع، فإن العديد من الشركات متعددة الجنسية (خاصة الصناعية) لا تعتمد على عدد كبير من الكوادر الوطنية، ومحدودية تدريبهم نتيجة لاستراتيجية التكنولوجيا المستورة والجاهزة من البلد الأم كما حدث في مجموعة من التجارب حول العالم، كما يصبح إجراء التجارب والبحوث أمراً نادراً، بمعنى محدودية تطوير رأس المال البشري، إضافة إلى إمكانية تسريب العوائد والأرباح تحت بند (التكاليف) خارج البلد المضيف (تخارج رؤوس الأموال)، كما حصل بدول النمور الآسيوية، إضافة لعدد من التحديات الأخرى.
وفي المحصلة، فإن الاستثمار الأجنبي المباشر يحمل مزايا ومساوئ حتمية، ولكن تظل الاستراتيجية الواضحة للدولة المضيفة كفيلة بالاستفادة من هذا التوجه الرأسمالي، ومراعاة التحديات الناتجة عنه وتطويعها للسيادة والمصلحة الاقتصادية الوطنية.

د. يحيى زكريا الشحي*
*باحث اقتصادي

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©