الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

التنويع الاقتصادي: التجربة الإماراتية

التنويع الاقتصادي: التجربة الإماراتية
30 سبتمبر 2020 01:58

شهدت دولة الإمارات العربية المتحدة تطوراً ملحوظاً في أدائها الاقتصادي منذ نشأتها، على الرغم من التقلبات المستمرة في أسعار النفط والأزمة المالية العالمية في عام 2008. وكان الأداء الاقتصادي أكثر استقراراً في مرحلة التنويع الاقتصادي، وعلى رأسها عدد من الأنشطة غير النفطية، كالسياحة والتجارة الخارجية والخدمات المالية والاتصالات. 
التنويع الاقتصادي، هو عملية توسيع نطاق الأنشطة الاقتصادية لقطاعات الاقتصاد المتعددة، القادرة على مواجهة التغيرات، وتقليل الاعتماد المالي على قطاع واحد (على سبيل المثال، القطاع النفطي) من خلال إنشاء اقتصاد غير نفطي حديث قابل للحياة، يمكنه الحفاظ على مستوى دخل مستمر وعالٍ. وبالتالي، لديها القدرة على تعزيز مرونة الاقتصاد بشكل أساسي، وحماية آفاقه طويلة الأجل، في مواجهة نضوب الموارد الطبيعية الأساسية، والتقلبات السعرية، والتحديات المناخية، وتحت ضغط عولمة المنافسة. من ناحية أخرى، فإن التوسع الديموغرافي ومتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، يستدعي توجهاً نحو توسيع قاعدة الإيرادات المالية، من خلال قطاعات تنموية إنتاجية تواكب المتغيرات.
وفقاً لبيانات الهيئة الاتحادية للتنافسية والإحصاء ما بين عامي 2010 – 2019، عند حساب المتوسط، ساهم نشاط الاستخراجات الصناعية (النفط الخام والغاز الطبيعي) بنسبة 30.9 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي (الحقيقي)، فيما ساهم القطاع غير النفطي بـ 69.1 بالمئة. في حين أن قطاع الخدمات حقق مساهمة في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 48.3 بالمئة، وقطاع الصناعة بنحو 51 في المئة (مضافاً إليه الاستخراجات الصناعية). وخلال نفس الفترة، بلغ متوسط إنفاق الناتج المحلي الإجمالي لتكوين رأس المال الإجمالي حوالي 23.8 في المائة. واحتلت الصناعات الاستخراجية بنسبة 14.6 بالمئة. وعلاوة على ذلك، حقق قطاع الخدمات أعلى مساهمة في تكوين رأس المال بنحو61.7 بالمئة، في حين تكوين رأس المال لقطاع الصناعة بنحو 37.9 بالمئة (مضافاً إليه الاستخراجات الصناعية). مما سبق يعكس فاعلية استراتيجيات التنويع الاقتصادي التي تتبناها الدولة.
تعد استراتيجيات التنويع في الوقت الحاضر، أداة مهمة للاقتصاد لتقليل المخاطر. ونتيجة لذلك، استطاعت الدولة قطع مسار متقدم من خلال استراتيجية التنويع الاقتصادي. وذلك لزيادة مساهمة القطاعات غير النفطية في الاقتصاد، عبر زيادة الاستثمارات في القطاعات والأنشطة المتقدمة، وزيادة الأصول السائلة. دمج القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي من خلال اتجاهات متعددة، مثل خصخصة الأنشطة الحكومية وإشراكها في الخدمات الحكومية، وتطوير الصناعة، وتأهيل الكوادر الوطنية. وأخيراً، زيادة الإيرادات العامة للدولة من خلال القطاعات غير النفطية.
باختصار، لا يعني امتلاك الموارد الطبيعية أن الاقتصاد آمن في مواجهة التغيرات والتحديات من تقلبات السوق العالمية. كم عدد البلدان التي لديها موارد، ولكنها لم تكن قادرة على استخدام مواردها بطريقة تمنحها متانة واستدامة استقرارها الاقتصادي. في المقابل، تمكنت البلدان الأخرى التي ليس لديها موارد طبيعية، من خلق قاعدة اقتصادية متنوعة ومكانة دولية. كقوة، تتمثل بالاستراتيجية المثالية في استخدام الموارد واستثمارها لإنشاء قاعدة اقتصادية قوية ومستدامة، تتعامل مع آليات عالم اقتصادي متغير.

* د. يحيى زكريا الشحي
باحث اقتصادي

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©