الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

شهادة في تقنية المعلومات!

شهادة في تقنية المعلومات!
5 أكتوبر 2020 01:12

تتحدث دراسات عديدة عن الوظائف الآيلة للاختفاء خلال عقدين أو ثلاثة من الزمن بسبب الإحلال التكنولوجي. بموجب تلك الدراسات لن يكون ثمة وجود لمهن مثل وكيل السفر، والكاشير، وطباخ الوجبات السريعة، وساعي البريد، وعامل المطبعة، والحكم الرياضي، وصياد السمك. في القائمة أيضاً السائق، والمزارع، والناشر، والنادل، والطيار، والمحاسب، وعامل البناء. حتى نجوم السينما سيجري استبدالهم بممثلين آليين أقلّ كلفة، وحسب المواصفات، يظهرون على الملأ كأنهم بشر من لحم ودم.  
ماذا عن العاملين في تقنية المعلومات؟ في الحقيقة لم أشاهد تقارير تتحدث عن خطر محدق بهؤلاء، فهل يعني ذلك أنهم في مأمن؟ 
قبل أيام حدثني صديق يعمل مسؤولاً حكومياً قائلاً إن فريقه قابل عدداً كبيراً من الخريجين الجدد لشاغر في مجال تقنية المعلومات، ولكنهم لم يعثروا على واحد مناسب للوظيفة. غريب، أليس كذلك؟ فخريج تقنية المعلومات هذه الأيام يتوقع أن يتلقاه السوق بالأحضان على بعد خطوات قليلة من بوابة الجامعة. بعضهم يحصل على ذلك الاستقبال بالفعل، لكن البعض الآخر ينضمون إلى كثيرين غيرهم في طوابير الانتظار. العالم يتغيّر، وسوق العمل يتحرّك بسرعة تفوق القدرة على التكيّف بالنسبة لكثير من الجامعات. هذه حقيقة مؤسفة يدفع ثمنها أعداد كبيرة من الخريجين. وإذا كانت المعادلة مقبولة في دول ومجتمعات بعيدة أو قريبة، فينبغي ألا تكون كذلك في دولة الإمارات، حيث يمتاز المجتمع والسوق بديناميكية عالية، وتنتشر ثقافة استشراف المستقبل والابتكار والاستدامة. أمام كليات تقنية المعلومات اليوم جملة أسئلة تمثل في جوهرها استحقاقات لا يمكن القفز عنها: 
هل المساقات المدرجة في برامجهم تتناسب مع احتياجات العصر، وصالحة للمستقبل؟ هل يتخرج الطالب في الجامعة بالمهارات العملية اللازمة لدخول سوق العمل؟ هل حصل الخريجون على جرعات كافية من التأهيل التطبيقي في مقابل العلوم النظرية؟ 
المحكّ  الحقيقي، للجواب على كل هذه الأسئلة يتمثل في قدرة الخريج على العمل في القطاع الخاص، بدلاً من الانطباع السائد لدى البعض بأن الحكومة هي المكان الطبيعي لأي خريج، وأن الحكومة جاهزة لاستقبال خريجي الجامعات بلا قيد ولا شرط. 
كيف يتحقق ذلك؟ الجواب عند أطراف المعادلة، وأقصد هنا المؤسسات التعليمية من جهة، والخريجين أنفسهم من جهة ثانية. 
كلا الطرفين يدركان أن مفهوم الزمن نفسه قد تغير، وأن ما كان يحتاج عشر سنوات حتى يصبح عتيقاً، أصبح لا يحتاج لأكثر من عام أو عامين ليكون كذلك. المؤسسة التعليمية تدرك انعكاس هذه القاعدة على برامجها المطروحة وأساليب تدريسها. والأفراد أنفسهم يدركون أن انتظار الوظيفة لا يعني البقاء مكتوفي الأيدي، وأن عليهم تطوير أنفسهم عبر النهل من المستجدات المعرفية والعمل على نحو استباقي لاكتساب مهارات المستقبل. وكم من خريج حقق نجاحات باهرة بناء على ما تعلمه هو بنفسه أكثر مما علمته سنوات الدراسة الجامعية.

*حمد المنصوري
مدير عام الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©