الأسواق المالية عقدان من النضج والشفافية

حسام عبدالنبي (دبي)

شهدت الأسواق المالية في الدولة تطورات إيجابية على مدار تاريخها الذي تجاوز الـ 20 عاماً حيث كانت الانطلاقة عام 2000 بتجربة جديدة اتسمت بتحديات شديدة كان أهمها عدم إدراك الكثير من أفراد المجتمع لأهمية أسواق الأسهم ودورها في تمويل الشركات، إلى جانب ضعف الوعي حول أسس التعامل والتداول السليمة.
ويوماً بعد يوم شهدت الأسواق المالية تطورات وتحسينات مستمرة طالت جميع المجالات بدءاً من التحول من شهادات الأسهم والأوامر الورقية للبيع والشراء إلى نظم تداول وإيداع ومقاصة إلكترونية بالكامل، إذ أصبح بمقدور المستثمر أن ينفذ أوامر التداول الخاصة به ذاتياً من خلال نظام إلكتروني، ثم شمل التطور آلية عمل وترخيص شركات الصرافة وسبل الرقابة عليها لتوفير ضمانات أكبر لحماية المستثمرين وتمت مضاعفة رأس المال من 5 إلى 10 ملايين درهم.

الأطر القانونية 
وحازت الأطر القانونية والتشريعية المنظمة للأسواق المالية عبر القوانين والقرارات الصادرة عن هيئة الأوراق المالية والسلع على الجانب الأكبر من التطورات والتحسينات، حيث توالت تعديلات القوانين وإصدار قرارات جديدة أسهمت بالفعل في جعل الأسواق المالية في دولة الإمارات تعد من أكثر البورصات تقدماً.
كما كانت الجوانب القانونية التي تستهدف حماية أموال المستثمرين في أسواق الأسهم، من أهم النقاط التي تم الانتباه لها مبكراً والعمل على تطويرها، وفي هذا الإطار جاء قرار فصل حسابات الوسطاء عن حسابات المستثمرين، وجعلها حسابات مستقلة، لحماية أموال المستثمرين في أسواق الأسهم، وكذلك قرار «الهيئة» بإلزام شركات الوساطة بعدم تقديم نصائح البيع والشراء للأسهم، وزيادة الجهود التي تستهدف التصدي لمحاولات توجيه السوق عبر استغلال عدد من الأشخاص غير المؤهلين للمنتديات الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي لتقديم تحليلات ونصائح لهذا الغرض. 

معدلات التداول 
وإلى ذلك شهدت الأسواق المالية قفزات كبيرة في معدلات التداول حتى أن قيمة التداول في أسواق الأسهم في أبوظبي ودبي فاقت في أوقات كثيرة قيمة التداولات في بورصات عريقة في المنطقة العربية والتي سبقت أسواق الأسهم في الإمارات بسنوات.
وعلى سبيل المثال، سجلت قيم التداولات في سوق أبوظبي ارتفاعاً خلال العام الماضي لتبلغ نحو 57 مليار درهم مقارنة بنحو 40 مليار درهم عام 2018، أي بنسبة ارتفاع قدرها نحو 43.3% في عام واحد، وفضلاً عن ذلك، تجاوزت القيمة السوقية للأسهم المدرجة في الأسواق المحلية حاجز التريليون درهم بواقع 319 مليار درهم لسوق دبي و723 مليار درهم لسوق أبوظبي.

أخبار ذات صلة

سارة العامري تتفوق في الدوري العالمي للكاراتيه

قائد العمليات المشتركة يبحث التعاون العسكري مع قائد القوات الجوية الصينية

الكوادر البشرية  
أما في مجال الكوادر البشرية العاملة في مجال الأسواق المالية، اتخذت هيئة الأوراق المالية والسلع مبادرات متعددة من أجل الارتقاء بخبرات ومؤهلات العاملين في هذا المجال ومنها على سبيل المثال خطوة مهمة سبقت فيها الإمارات الكثير من دول المنطقة، وهي عملية ترخيص وسطاء التداول، حيث تم توقيع اتفاقية استراتيجية مع معهد الاستثمارات والأوراق المالية البريطاني، بحيث يتم تأهيل وسطاء التداول، وأن يجتازوا اختبارات خاصة حتى يحصلوا على ترخيص العمل في تلك المهنة كممثل وسيط معتمد، وأعقب ذلك امتداد الترخيص إلى مديري التداول، وممثلي الامتثال في شركات الوساطة المالية، بحيث يكونون مرتبطين من الناحية الرقابية مع هيئة الأوراق المالية والسلع، ويتم إعداد تقارير أسبوعية حول الوضع المالي لشركات الوساطة، من أجل المزيد من الحماية لعملاء الشركات.

تعزز التنافسية
وعلى صعيد الأسواق المالية ذاتها، شهدت تطورات جديرة بالوقوف أمامها بدءاً من تحويل سوق دبي المالي إلى شركة مساهمة عامة، ثم أول سوق مالي متوافق مع الشريعة الإسلامية، وصولاً إلى موافقة مجلس الوزراء في نهاية شهر أكتوبر الماضي على إصدار مرسوم بقانون اتحادي بشأن توزيع الاختصاصات والصلاحيات بين هيئة الأوراق المالية والسلع، وأسواق الأوراق المالية والسلع المرخصة في الدولة، ليتم نقل صلاحيات هيئة الأوراق المالية والسلع التشغيلية والتنفيذية لهذه الأسواق. ويؤكد الخبراء أن تلك الخطوة تسهم بفاعلية في تعزز التنافسية، وتساعد الأسواق على جذب مزيد من الاستثمارات والشركات للإدراج سواء الشركات المحلية أو الشركات المدرجة في بورصات مجاورة.

الأعلى عوائد 
ونجحت أسواق الإمارات كذلك في أن تصبح الأعلى عوائد للمستثمرين من منطقة الخليج والشرق الأوسط، حيث بلغت قيمة الأرباح النقدية التي قام سوقي أبوظبي للأوراق المالية وسوق دبي المالي بتوزيعها على المساهمين نيابة عن الشركات المدرجة 43.13 مليار درهم عن السنة المالية 2019 وبواقع 22.5 مليار درهم لسوق أبوظبي و20.6 مليار درهم في سوق دبي، كما شهد عدد المستثمرين المستفيدين من توزيعات الأرباح تلك نمواً لافتاً ليتجاوز 700 ألف مستثمر مسجل.
وبلغ عدد المستثمرين المسجلين في سوق أبوظبي للأوراق المالية مع نهاية العام الماضي 968 ألف مستثمر، كما شهد عام 2019 إصدار 4993 رقم مستثمر جديداً مقارنة مع 4644 رقماً عام 2018 أي بزيادة نسبتها 7.5%.