الجمعة 10 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

محمد كركوتي يكتب: مرحلة تجميد الفائدة

محمد كركوتي يكتب: مرحلة تجميد الفائدة
5 فبراير 2024 01:03

بات واضحاً أن المشرعين الماليين الأميركيين، يفضلون تجميد أسعار الفائدة عند حدودها المرتفعة الراهنة، وتوقفوا عن طرح الاحتمالات بإمكانية رفع تكاليف الاقتراض في المستقبل. وهذا يؤكد حقيقة أن مسار التضخم في الولايات المتحدة يبقى الأفضل قياسياً بمساراته في البلدان المتقدمة عموماً، على الرغم من أنه لا يزال بعيداً عن المستهدف الرسمي وهو 2%. ويبدو أن «التشديد النقدي» على الساحة الأميركية صار جزءاً من الماضي القريب، علماً بأن مستوى الفائدة الذي يتراوح بين 5.25 و5.5% هو الأعلى منذ أكثر من 22 عاماً. وكان طبيعياً أن يؤثر بصورة سلبية على مسار النمو الذي تتوقع الدوائر المختصة أن يبلغ 2.1% في العام الجاري. وإذا ما تحقق ذلك بالفعل، فإن الاقتصاد الأميركي بهذا النمو غير المرتفع، سيكون الأعلى بين اقتصادات مجموعة السبع. 
الرهان سيبقى دائماً حول المحطة التي سيتوقف عندها التضخم فأسعار المستهلكين في الساحة الأميركية، تبقى الأدنى أيضاً مقارنة بمستوياتها في الاقتصادات الغربية الأخرى، لكنها تبقى مرتفعة، حيث وصلت في ديسمبر الماضي إلى 3.4%، بعد سلسلة من الانخفاضات التي لم تدفع المجلس الاحتياطي الأميركي «البنك المركزي» لإيقاف سياسة التشديد النقدي؛ لأنه يعتقد أن التضخم لا يزال في المرحلة الخطرة. لكن بلا شك، يمكن القول، إن الاقتصاد الأميركي أظهر تماسكاً قوياً في الأشهر الماضية، مدعوماً بالإنفاق الاستهلاكي أولاً، مع استمرار قوة سوق العمل، التي تعد مؤشراً مهماً للمسار الاقتصادي العام في البلاد. ورغم هذه الصورة الإيجابية، إلا أن المشرعين الأميركيين لا يزالون يعتقدون، بأن الآفاق الاقتصادية لا تزال غير مؤكدة.
لن تشهد الفائدة الأميركية تغيراً لافتاً في الربع الأول من العام الحالي. ففي هذه المساحة الزمنية ستضح معالم أسعار المستهلكين. وليس بالضرورة الانتظار لوصول التضخم إلى المستوى الرسمي المستهدف وهو 2%، يكفي عند «الاحتياطي الفيدرالي» أن يقترب من هذا الرقم، لكي تتم إعادة النظر في مستويات تكاليف الاقتراض. وفي كل الأحوال، يتمتع الاقتصاد الأميركي بالقوة في ظل الظروف العالمية الصعبة، وهذا ما يجعله متقدماً على كل اقتصادات مجموعة السبع، سواء في مرونته وقت الأزمات، أو في سياسات التشديد التي يتبعها المتماشية تماماً مع حراك التضخم. 
والميزة الرئيسية الراهنة في توجهات المشرعين الأميركيين، أنهم أبعدوا إمكانية اللجوء إلى رفع جديد للفائدة في المرحلة المقبلة، إلا إذا حصلت «انتكاسة» كبيرة على صعيد التضخم، وهذا أمر غير وارد، لأنه تمت السيطرة بالفعل على أسعار المستهلكين، وإن وصلت عند مستوى لا يرضى عنه المشرعون عموماً. فالمسألة تتطلب وقتاً قد يدوم حتى نهاية العام الحالي، وبعدها يمكن النظر في تخفيف التشديد النقدي الذي لم ينل من النمو الأميركي فحسب، بل شمل ضغوطاً جمة على الساحة العالمية.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©