الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

«دراجات الإمارات» تعانق المجد

«دراجات الإمارات» تعانق المجد
21 سبتمبر 2020 01:08

أبوظبي (الاتحاد)

في نهاية عام 2016، وتحديداً في ديسمبر، أبصر فريق الإمارات للدراجات النور، وفتح طاقة الحلم والأمل لتطل على العالم من شرفة أبراج الاتحاد بأبوظبي عندما تم الإعلان عن تأسيس الفريق رسمياً.. كانت أمام الفريق الجديد مهمة واضحة وبسيطة وهي تعزيز الوعي الصحي، وإلهام جيل جديد من الدراجين الإماراتيين الشباب، وتحقيق الفوز في جولة فرنسا خلال خمس سنوات، وقبل أوان الموعد المحدد، كان الحلم قد تحول إلى حقيقة.. هكذا هي الإمارات، أرض المشاريع العظيمة والخطط الاستراتيجية والأفكار العالمية.. سبق الفريق زمنه، وسبق المخضرمين في رياضة الدراجات، وارتقى مستوى الفريق في غضون أربع سنوات فقط، من فريق ناشئ وشاب، إلى مؤسسة عالمية المستوى فازت بأرفع لقب وأضخم سباق للدراجات على وجه الأرض، حققه نجم الفريق الدراج السلوفيني تادي بوجاتشار.
 بات بوجاتشار، الذي يصادف اليوم عيد ميلاده الثاني والعشرين، أصغر دراج يفوز بالجولة خلال 116 سنة، وذلك عندما عبر خط النهاية في شارع الشانزليزيه الشهير في العاصمة الفرنسية باريس، مساء أمس.. ولكن بحسابات الزمن والربح، فإن هذا الفوز الرائع لم يتحقق أمس فحسب، أو بفضل جهود تادي وحده؛ بل جاء بعد جولة استمرت ثلاثة أسابيع، قطع فيها نجوم الفريق مسافة 3.385 كم عبر فرنسا، مدعوماً بجهود الفريق بأكمله. فقد انطلق سبعة دراجين آخرين من خط البداية في مدينة نيس 29 أغسطس، ونصب أعينهم هدف واحد: الفوز في التصنيف العام من خلال الدراج النجم، تادي بوجاتشار. 
لم تثمر جهود الفريق في تحقيق ذلك الهدف فحسب، بل أضافت إلى جعبته الفوز بأربع مراحل من أصل 21 مرحلة، عن طريق ألكسندر كريستوف «المرحلة 1»، تادي بوجاتشار «المراحل 9 و15 و20»، فضلاً عن الاحتفاظ بالقميص الأبيض لأفضل دراج شاب، والقميص المرقط للسباقات الجبلية.، وبذلك، سطّر فريق الإمارات اسمه في كتب التاريخ. 
وتعليقاً على هذا الإنجاز الكبير، قال بوجاتشار: «ما زلت غير مصدق تماماً لما حدث، أقف مرتدياً القميص الأصفر لجولة فرنسا؛ لساني عاجز عن وصف ما أشعر به... تركزت كل التدريبات هذا العام على الجولة، وقد أمضى الفريق فترة طويلة للاستعداد لها، حيث أجرينا معسكرات تدريبية، خلال فترة الإغلاق الصحي، وحافظنا على الجاهزية الذهنية للسباق». 
أضاف: «لقد خضت هذه الجولة وأنا بأفضل حال، ورغم أننا فقدنا بعضاً من رفاقنا في الفريق خلال الجولة، فإننا لم نيأس وحافظنا على إيجابيتنا.. امتدت الجولة على مدى ثلاثة أسابيع، قضينا خلالها وقتاً رائعاً ساد خلاله جو من الإيجابية وروح الفريق. وسعيت خلال الجولة للحفاظ على هدوئي ومواجهة السباق مرحلةً بعد أخرى، وكان لذلك بالغ الأثر في تحقيق الفوز».
ورغم أن بوجاتشار هو رجل الساعة، فإن جهود الفريق بأكمله كانت عنصراً أساسياً، حيث اعتمد على رفاقه في الفريق، وبالأخص ديفيد دي لا كروز، وديفيد فورمولو، وفابيو آرو، وألكسندر كريستوف، وفيجارد ستيك لاينجن، وماركو ماركاتو، وصديقه يان بولانك، وأسهمت جهودهم المتواصلة في المحافظة على سلامة بوجاتشار، ومكنته من تحقيق أفضل أداء، يوماً بعد يوم، مهما تنوع مسار السباق، وتضافرت جهود الفريق وتفانيه مع موهبة بوجاتشار، ليتحقق هذا الفوز التاريخي الرائع لفريق الإمارات. 
ورغم كون هذا الفوز هو الأكبر والأهم لفريق الإمارات عبر تاريخه الذي يمتد أربع سنوات، غير أنه ليس الانتصار الأول، ففي عام 2019، حصد الفريق 31 فوزاً، منها انتصار بوجاتشار بثلاث مراحل في جولة إسبانيا. كما حقق الفريق عامي 2018 و2017، 14 فوزاً و19 فوزاً على التوالي، أما هذا العام، فقد وقف دراجو الفريق على منصات التتويج 28 مرة، أربع منها في بطولات وطنية، في وقت لم يمض فيه سوى نصف الموسم فقط. 
ويشهد فريق الإمارات منحنى تصاعدياً من حيث الأداء، حيث حرص الفريق على الارتقاء بتشكيلته وأداء دراجيه عاماً بعد آخر، ومع توقيع بوجاتشار لعقد طويل الأمد مع الفريق، يتوقع الجميع تحقيق المزيد من الانتصارات، كما يلخص بوجاتشار ذلك بقوله: «منذ لحظة انضمامي إلى فريق الإمارات، غمرني شعور بانتمائي إلى عائلتي. أحظى بالعديد من الصداقات ضمن الفريق، وسط أجواء إيجابية تسود أعضاء الفريق من دراجين وفنيين. وذلك، بلا شك، أحد أهم الأسباب التي دفعتني إلى تجديد عقدي مع الفريق حتى عام 2024. إن فريق الإمارات هو مشروع طويل الأمد يرعاه عدد من أبرز الرعاة، وإنني فخور بأن أكون جزءاً من هذا المشروع».
أما رسالته إلى دولة الإمارات، فيلخصها البطل السلوفيني الشاب بالقول: «آمل أن يكون الجميع بخير، فرحين بالعودة التدريجية لرياضة الدراجات. من الأفضل لعشاق الرياضة في الوقت الحالي متابعة البطولات عبر شاشات التلفزة، ولكن يحدونا الأمل بأن تتمكنوا قريباً من الانضمام إلينا على مسارات السباق. يملؤنا الفخر والاعتزاز برفع علم دولة الإمارات على قمصان الفريق، وراضون عن أدائنا في جولة فرنسا هذا العام، والفوز الذي حققناه على مرأى من العالم أجمع».
وبالنسبة لدراج شاب يتمتع بهذا القدر من الموهبة، فإن الفوز بلقب جولة فرنسا قد يشوش ذهنه ويصيبه بشيء من الغرور، غير أن بوجاتشار يحرص كل الحرص على تجنب ذلك، إذ يقول: «أحرص أن أحافظ على نفسي كما أنا، رياضي متواضع، أبذل كل جهدي في التدريب، أشارك في السباقات بالذهنية نفسها، وأتلقى دعم الفريق بامتنان. أود أن أتوجه بالشكر إلى أسرتي وكل عشاق رياضة الدراجات في الإمارات على الدعم الكبير الذي قدموه لي، عبر مسيرتي الرياضية».

الأعرق 
يعتبر سباق فرنسا الدولي للدراجات المعروف باسم «تور دو فرانس»، من أشهر وأصعب سباقات دراجات المحترفين على الطريق، ويتكون من 21 مرحلة بعضها يمر بجبال البرانس والألب، ودشن الحدث دورته الأولى عام 1903، وهو سباق سنوي ولم يتوقف سوى مرتين فقط، خلال الحرب العالمية الأولى 1914-1918، وخلال الحرب العالمية الثانية 1940-1946.

الأقدم!
اكتسب سباق تور دو فرانس شهرته، ليس لكونه الأصعب فحسب، وإنما لأنه الأقدم بين السباقات الكبرى للدراجات الهوائية، ولأنه يجذب إليه كل عام أكثر من 12 مليون متابع على الطريق، ويوفر أجواء احتفالية وسياحية تحظى باهتمام الإعلاميين والصحفيين والمصورين من مختلف بلدان العالم، حيث يولونه اهتماماً خاصاً على امتداد مراحله الـ 21 التي يبلغ طولها الإجمالي 3500 كيلومتر، تتخللها مناظر طبيعية خلابة ومعالم سياحية رائعة وطرق جبلية مذهلة.

مع وضد
ينقسم مسار سباق طواف فرنسا إلى نوعين، الأول «مع عقارب الساعة» والثاني «ضد عقارب الساعة»، ويطلب من الدّراجين في النوع الأول تحقيق حد أدنى من الوقت كشرط لاستكمال السباق، وخوض مراحله التالية، ويتراوح عدد الفرق في السباق كل عام ما بين 20 و22 فريقاً ويضم كل فريق 9 دّراجين. ويتصدر المقدمة في كل مرحلة الدّراج صاحب أقل وقت، ويتم منحه القميص الأصفر وهو تقليد متبع منذ عام 1919، ويحتفظ به لنهاية السباق، ليمنح للمتصدر النهائي والمتوج باللقب في نهاية السباق.

بداية ونهاية
يعتبر طواف تور دو فرانس من أهم الأحداث الرياضية الفرنسية، لدرجة تحول معها إلى أحد أهم المعالم السياحية، التي تقام سنوياً وتدر ملايين الدولارات على الاقتصاد الفرنسي، وقد انخفض عدد المشاهدين للسباق نسبياً هذا العام بسبب جائحة فيروس كورونا، التي تسببت أيضاً في تأخير موعد بدئه إلى 29 أغسطس 2020، بدلاً من موعده الأصلي في 27 يونيو الماضي، وينطلق السباق كعادته كل عام من مدينة نيس، ويختتم فعالياته في شارع الشانزليزيه بالعاصمة الفرنسية باريس.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©