الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

راشد المعاودة.. كثافة الحضور والغياب

راشد المعاودة.. كثافة الحضور والغياب
17 يوليو 2020 00:17

محمد عبدالسميع (الشارقة)

بعد سبعةٍ وسبعين عاماً، وفي مشوارٍ شهد له تلاميذه ومحبّوه، ودّع الوسط الثقافي والفني والإعلامي في البحرين، الكاتب المسرحي والمؤرخ ومبدع الأعمال التلفزيونية راشد المعاودة، الذي لا تزال أعماله في ذاكرة الأجيال وخشبة المسرح وأروقة وأرشيف التلفزيون، شاهدةً على نموذج من نماذج العطاء الخليجي والعربي.
وإذ نلاحظ اليوم كثافة غيابه، نتذكر أيضاً كثافة حضوره، وتعدده، وأعماله النوعية للمسرح البحريني والعربي، تلك الأعمال المجبولة بالواقع والمستمدة من تفاصيل يوميات الناس وحياتهم، والتي تركت أثراً كبيراً في فترته وما بعدها من أجيال، وخصوصاً في مسلسلات ستظل محفورةً في وجدان المجتمع البحريني والخليجي، مثل «سلام وفرج»، و«الدانوب»، والعديد من التمثيليات الأسبوعية لإذاعة البحرين، في وقت كانت فيه الإذاعة تصل إلى قلوب الناس وعقولهم، ونستعيده اليوم وفي أذهاننا التقدير والإخلاص لمثل هؤلاء القامات، الذين تركوا كل هذا الإرث الكبير في ذاكرة الأوطان والشعوب.
ولأنّ المبدع راشد المعاودة كان من المثقفين والمبدعين الموسوعيين، الذين لا يتقوقعون عند تخصص واحد، فقد ظهرت مقدرته وبراعته في تنافذه على الشعر المُغنّى والصحافة الفنيّة والتأريخ للفنانين، وهي مهمّات جليلة وكبيرة، كان وفياً، رحمه الله، لها حتى وداعه الحياة ووجوه الأحبة والهيئات والمنتديات، التي كانت تعمل على تكريمه، شعوراً منها بالواجب، ولكي لا ننسى جيل الروّاد والرعيل الأول ومبدعي ذلك الزمان.
ويذكر المهتمون بالأغنية الشعبية في البحرين أغنية «روح وانساني»، التي أبدع كلماتها الشاعر راشد المعاودة، والعديد من المسرحيات التي حملت اللهجة، وعززت من حضورها، كما في أعماله الخالدة: «بيت طيب السمعة»، و«ما لان وانكسر»، و«سبع ليالي»، و«توب توب يا بحر»، و«عمارة رقم 20»، وهذه المسرحيات هي جزء من اثني عشر عملاً مسرحياً، لقيت صدى في البحرين والخليج، ولها حضورها الإنسانيّ في أفكارها ومقاصدها الاجتماعية والثقافية المستمدة من حياة الناس.
ويوم أمس الأول، ودّعت مدينة المحرّق بالبحرين مبدعها، الذي وُلد فيها وترعرع في مساحاتها الثقافية على الكلمة الصادقة، وشهدت خطواته الجادّة نحو الإذاعة والتلفزيون، والمسرح، والمجلات الفنية والصحافة، والجمعيات والهيئات الثقافية والإبداعية، فبين الستينيات واليوم مسافة كبيرة تعبّدت بأنفاس إبداعية، وصدق في العطاء، ووفاء للفكرة الشعبية والحوارات المسرحية، التي كان يهجس بها الناس، ويبوحون بها في أعمالهم ويومياتهم ومشاغلهم، وكلّ ذلك كان يشكل أرشيفاً فنياً مصوّراً وغير صامت، ستظل تعرضه الشاشة اليوم، في نوع من الحنين وتلمّس رائحة ذلك الزمان، الذي كان فيه مسرح «أوال» البحريني، يمتلئ حركةً وإبداعاً ونقاشاً للأفكار، وتجسيد كل ما هو حقيقي، فقد كان راشد المعاودة أحد من أسهموا في فضاءاته وأفكاره ورؤاه، وتطوير أدائه وحضوره الوطني والإنسانيّ على الدوام.
ومثلما كان وفياً وجاداً في توثيق حياة الفنانين ومشوارهم وعطائهم، فإنّ المبدع المعاودة لم يغب يوماً عن أقلام الكتاب، الذين أفردوا له كتباً خاصة، متناولين سيرة حياته ومشواره الطويل مع الإبداع، مثل كتاب «راشد المعاودة.. الإبداع في حب الوطن»، لمؤلفه إبراهيم الدوسري، عدا تضمين آخرين لسيرة هذا العلَم المبدع في كتاباتهم، خصوصاً في التوثيق لفترة المجالس الأدبية والأندية الثقافية في البحرين، مثل مجلس الشيخ عبدالله بن عيسى آل خليفة، ومجلس الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة، وهي مجالس كانت النواة الأولى للراحل في الإبداع والفكر والثقافة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©