عدد اليوم
محمد عبدالسميع (الشارقة)
أكّد الخبير المصري، أستاذ المسكوكات والآثار الإسلامية وعميد كليّة الآثار بجامعة الفيوم، الدكتور عاطف منصور الدور المهم الذي لعبته منطقة الخليج العربي؛ حضارياً وتجارياً، على مدار التاريخ، مستدلاً على ذلك بالنقود المتداولة في هذه المنطقة، وهو عنوان المحاضرة الافتراضيّة التي استضافته فيها هيئة الشارقة للآثار، ولقيت نقاشاً مستفيضاً حول قراءة التاريخ، وأوجه النشاط الإنساني، من خلال هذه العملات والكنوز المكتشفة.
ولفت منصور، في المحاضرة التي قدّمه فيها يزن أبو الحسن، إلى النقلة النوعيّة التي سببتها النقود الإسلاميّة للعملات الأجنبيّة في تحوّل الصورة إلى كلمات ونقوش، مؤكّداً القيمة الماديّة والمعنوية للنقود الإسلاميّة وثمنها الباهظ في المزادات العالميّة، مقارنة بأثمان لا تذكر للنقود الأجنبيّة.
كما تطرّق إلى فترة حكم الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان ورؤيته الجديدة للدولة العربية الإسلامية، وإنشائه داراً لسكّ النقود وتعريبها، مهتمّاً بالنقود الأجنبيّة التي دخلت الخليج العربي على فترات سمحت لنا بقراءة أوجه التطوّر والتقدّم، وانفتاح هذه المنطقة على جوارها العربي والأجنبي من خلال طرق التجارة البحريّة، ذاكراً المصادر التاريخية والوثائق، وعقود الزواج، وأسماء الحكام ومدد حكمهم، والدول أو الامبراطوريات التي نقلت عملتها؛ استعمارياً أو تجارياً، وفنون الزخرفة، والاعتقاد الديني السائد.
وتحدث منصور عن الفترة من القرن الثالث عشر حتى التاسع عشر، ممهداً بفترة سابقة درس خلالها طرق التجارة وتلاقي الحضارات القديمة، كما تطرّق إلى فترة القرن السابع الهجري الذي تراجعت فيه دور السّك في الخليج العربي أو أُغلقت، وهو ما كان فرصةً لقدوم نقود أجنبيّة غطّت النقص الحاصل ولقيت قبولاً، وتمّ التعامل بها، ودلّت على أزمان مهمّة في تاريخ وثقافة وعلاقة المنطقة بالعالم، وعكست شكل العلاقات والتعاملات المجتمعية.
وقال: إنّ طريق البحر الأحمر كان ممراً حيوياً للنقود المملوكية المصرية على سبيل المثال إلى الخليج، وكذلك العملة الإيرانية عن طريق التجارة الشرقي من إيران، والعملة العثمانية التي قدمت لهذه المنطقة من العراق وآسيا الصغرى من الشمال، ومن الهند كذلك، وأشار إلى اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح وأثره في حضور النقود البرتغالية.
كما عرض منصور للنقود العثمانية التي وردت إلى الخليج من طريق الاتجاه المصري والشمال العراقي وبلاد الشام. ودرس كذلك فترة النقود المملوكية وفترة السيطرة على رأس الرجاء الصالح وضعف الدينار المملوكي، وحركة التجارة الهندية إلى الخليج وازدهار المحيط الهندي في هذا الحضور النقدي بفعل التجارة.
