الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«منحة البردة».. حديقة الحب خضراء بلا حدود

«مالد» للفنان عمار العطار (الصور من المصدر)
1 أغسطس 2020 01:45

نوف الموسى (دبي)

تعكس «منحة البردة»، التي انطلقت نسختها الأولى ضمن فعاليات مهرجان البردة لعام 2018، وتم خلالها تكليف 10 فنانين معاصرين، بإنتاج أعمال فنية عُرضت في معرض «فن أبوظبي 2019»، شكلاً بديعاً من الممارسة الفكرية والفلسفية الكامنة في الجوهر الإبداعي للفنون الإسلامية. كما تبرز توسعاً لمفاهيم الحداثة عبر الفنون الإسلامية، ما يعد في عوالم البحوث الفنية سؤالاً جدلياً، إلا أن الشكل الهندسي، يطرح نفسه عبر الفنون، باعتباره هالة متحررة، تستلزم تجربتها، كونها تتجاوز مسألة المعنى في تجلياتها، وبهذا تقدم وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، وزارة الثقافة والشباب حالياً، فرصة مجازية للمتلقي في إمكانية الممارسة عبر التجربة البصرية، خاصةً أن الفنانين أبقوا تجاربهم الفنية مفتوحة ولا نهائية، رغبة منهم في معرفة ما يمكن أن يقدمه كل عمل مستمد أساساً من قوة الروحانية في تشكيل نفسه.
مؤخراً أتيحت لي فرصة رؤية هذه الأعمال أثناء جولة افتراضية في السركال أفنيو، تحدث فيها الفنانون عن التجربة.. واللافت في أحاديثهم، هو بحث المتلقي الدائم، ليس فقط عن سير عملية إنشاء العمل الإبداعي وتصميمه، وإنما عن المتغيرات التي يمر فيها الفنان نفسه طوال الرحلة، بل وكيفية تراكم عملية الإبداع المُلهمة، خاصةً إذا ما تحدثنا عن الفن الإسلامي، كونه متأصلاً في الوجدان، فمثلاً محاكاة الفنان والمصور الفوتوغرافي عمار العطار أحد الفنانين المشاركين لحركات المؤدين في عمله «المالد»، هو بمثابة استجلاب للشعور ذاته قبل تصويره، لقد أراد أن يتولد بداخله الشعور الذي كانوا يعيشونه، ما يكشف حضور أكثر من فضاء في اللحظة الشعورية، وأن هناك مشاعر تولدت لدى العطار حتى ما بعد تجربة «المالد»، وقد بدا ذلك واضحاً عند حديثه حول معايشته لـ «مستويات مختلفة من التفكير»، بالمقابل فإن الفنان خالد البنا، من خلال عمله الفني «ديناميكية الحركة»، استخدم «التكرار» المتعارف عليه في الفنون الإسلامية، لإنتاج المشاعر وتلاشيها، مبيناً أنه انطلق في عمله من نية واضحة وهي أن لا يتمكن المشاهد من التمييز بين القطع الصغيرة المتداخلة، التي لكل واحدة منها تفردها، «أردت أن تختفي وتضحمل في الزخارف والألوان والأنسجة». 
«إدراك الخطوط» هو تعبير للفنانة زليخة بوعبدالله، أثناء حديثها عن عملها الفني «أكروباتس»، مؤمنة أن التعبير الحديث متأصل في الفن الإسلامي، ما يوحي للمتلقي بأبعاد قوة الخط الهندسي، القادر على استيعاب الفراغ داخل الشكل الهندسي، والذي طرحه الفنان ناصر السالم من خلال عمله الفني «ما لا عين رأت» وهو عبارة عن غرفة خضراء، تتطلب من المشاهد أن يتصور الجنة في ذهنه، من خلال التأمل في فراغها اللانهائي، وقال السالم عن تجربته: «الشعور بالأمان الذي يثيره بداخلك هذا الفراغ يجعل هذا العمل الفني يبدو كنوع من أنواع طقوس التطهر»، وأضاف أنه: «يشجع الناس على تصور وجود مساحات أكبر بكثير تفوق مستوى تخيلهم». 
ويأتي مفهوم كيفية رؤيتنا لما حولنا وإمكانية التخيل، لدى الفنانة عائشة خالد في أشكال تعبيرية منها «التطريز» عبر عملها «حديقة الحب خضراء بلا حدود»، وبالأخص تطرقها إلى موضوع أن الرؤية السطحية للتطريز تختلف عن رؤيته عبر تركيب نحتي، فالأمر يحتاج إلى «الالتفاف»، الذي يلعب دوراً جوهرياً في تجربة المتلقي لمستويات أعلى في التأمل، وصفتها الفنانة الجود لوتاه عبر عملية التفاعل مع عملها «فلك» بأن القطعة الفنية بأكملها عبارة عن وحدات قابلة لإعادة التشكل، والذي يطرح احتمالاً في أن المتلقي يصنع بعداً جديداً في كل ممارسة تفاعلية، يشبه أثر قراءتنا المتعددة للبعد الرابع، وهو الضوء في عمل الفنانة ابتسام عبدالعزيز «الوهم البؤري».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©