الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

لماذا عوشة السويدي؟ ولماذا الجائزة؟

لماذا عوشة السويدي؟ ولماذا الجائزة؟
23 أغسطس 2020 00:10

لم يكن بحثي في تراث عوشة بنت خليفة السويدي، وعنها، بتكليف من مؤسسة، ولكن توفيق الله جعلني أزيح الطب من طريقي، وأنطلق إلى شيء ما يشدني، ولا يمكن مقاومته، هو توثيق تاريخنا وتراث مجتمعنا. لقد شعرت بسعادة ومتعة وأنا أعمل على جمع وتوثيق أشعار جدي الشاعر حسين بن ناصر آل لوتاه، في عام 2006، لأجد نفسي -بعد ذلك- في رحلة أخرى هذه المرة مع فتاة العرب، فعشت مع أشعارها حياةً فعليّةً، عشتُها بكامل تفاصيلها ومشاعرها وأفكارها، في رحلة البحث عن كثير من تلك الكنوز المفقودة، واستطعت في النهاية أن أخرج بموسوعة عنها وعن أدبها وثقافتها، لتكون مرجعاً له مكانته على مستوى الموسوعات في الوطن العربي، ولم نكتف بما هو سائد ومتداول، بل بحَثْنَا في كل ما يضيف إلى الشاعرة التي كانت على قيد الحياة وقتئذ، وإن كانت الجلطة الدماغية قد أعاقت قدرتها على التواصل، فلم يكن من السهل أن نحصل مباشرة على معلومات منها، مما جعل أكثر اعتمادنا في ذلك على أقربائها من الدرجة الأولى ومعارفها، وقرائها، ومن عاش معها ومن عاملها.
وبمرور الوقت صار الكنز يغنينا، ويغني الناس المتعطشين إلى الكثير من إبداع عوشة، وإلى معلومات عن عوشة نفسها: من هي، ماذا أحاط بها في كل مرحلة من مراحل عمرها؟ حتى بدأ الجمهور يشكل صورة أقرب وأكثر اكتمالاً عن عوشة مقارنة بما قبلَ إصدار موسوعة عوشة، تلا ذلك عدة مشروعات (منها: قاعة عوشة في المتحف، والموسوعة الصوتية، ثم الطبعة الثانية، ثم الطبعة الثالثة)، ‏وفي كل طبعة تضاف قصائد لم يسبق نشرُها، ورافق ذلك زيارة الناس لتلك القاعة الفاخرة، مما يجعلنا نؤكد أن المرحلة الأولى قد نجحت في استعادة بريق مهمٍّ لحياة قمة من قمم الشعر الخليجي، لتكون حاضرة في أذهان الشباب الذين سمعوا عنها ولم يعاصروها.
لكن...
 بقي هناك قلق يساورني، وسؤال ملحٌ: كيف يمكن لهذا الحضور أن يستمر حياً متفاعلاً مع الجمهور؟ كيف يغلبُ –ببريقِهِ- حالةَ الاعتياد التي تُفْقِدُ الأشياء الجميلة بريقها بمرور الزمن، أو على الأقل تفقدُنَا -نحن- الشعورَ المستمر بجمالها وبريقها؟
الجمهور استفاد كثيراً من المادة الصوتية التي نشرناها (150 قصيدة)، وانتشرت مقاطع صوتية من قصائدها، وهذا جيد، ولكن لم أشعر أنه كافٍ. وألحّ السؤال: كيف نخلق آليات جديدة مختلفة جذابة؟ 
من هنا طرَحْتُ فكرة الجائزة على أسرة الشاعرة عوشة في عام 2012، وإن كانت المشروعات المهمة -المتعلقة بتوثيق التراث في متحف المرأة أيضاً- قدْ شغلتنا بشكل ما عن إطلاق الجائزة الفعلي، وكان ذلك في الوقت نفسه الذي لم تكن الناس قد شبعت فيه من تداولها للديوان، إلى أن وصلنا إلى الطبعة الثالثة التي أضفنا إليها 18 قصيدة لم تنشر في الطبعة الثانية، ثم جاء تعزيز كل هذا من خلال إعلان الجائزة.

لماذا الجائزة؟
إنها -كما أخبرتكم- ليست ككل الجوائز، فأساس المشروع إنما هو تداول شعر عوشة بين كافة الأجيال، لذلك خُصِّصَتْ جائزة للشباب وطلاب المدارس في مجال الإلقاء للقصيدة النبطية، بما يتصل بشعر عوشة وأسلوبها باللهجة النبطية، ليبقى لدينا جيل على اتصال بعوشة ومكانتها ومحتوى قصائدها الذي يمثل صوراً شعرية لتاريخ إماراتي في حقبة سابقة مهمة. 
أما الشعراء ‏والذين يحاولون كتابة الشعر، فالميدان مفتوحٌ أمامهم لمجاراة قصيدة من قصائد عوشة، ‏وهنا سوف يستمتع الجمهور بشعر حقيقي، فيه شيء من روح عوشة أو انعكاس لإبداعها، لكن على لسان شاعر آخر وقريحة أخرى.
ربما ظن القارئ أن المشوار ينتهي هنا، لكنها -في الواقع- بداية ككل البدايات الجميلة، إن شاء الله، رغم ما فيها من مجهود مبذول، فإننا عازمون على تبنِّي ثقافة التوجُّه الأكاديمي نحو شعر عوشة، للبحث في تراثها الشعري من خلال رسائل الماجستير والدكتوراه.
 *مؤسسة متحف المرأة، مُؤَلّفة موسوعة عوشة

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©