الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

يوسف نبيل في حوار لـ«الاتحاد»: «اليوميات» رحلة مدهشة في عـوالم تولستوي

يوسف نبيل في حوار لـ«الاتحاد»: «اليوميات» رحلة مدهشة في عـوالم تولستوي
31 أكتوبر 2020 00:30

إيهاب الملاح (القاهرة)

لم يكن التصدي لمشروع كبير وضخم مثل ترجمة يوميات ليف تولستوي، ثاني أكبر الأسماء في الأدب الروسي العريق (بعد دوستوفيسكي، وهناك من يعده على قدم المساواة معه) وصاحب الملحمة الروائية الخالدة في تاريخ الإنسانية «الحرب والسلام»، عملاً سهلاً ولا متيسراً بأي حال. ولكنّ المترجم الشاب يوسف نبيل تصدى بتشجيع من دار نشر خاصة «آفاق» لإنجاز هذا المشروع، بهمة ودأب، وخلال خمس سنوات، لا أكثر، خرجت «اليوميات» الكاملة لتولستوي بالعربية، قبل ظهورها في أي لغة أخرى، كما أكد لنا مترجمها ذلك.
«الاتحاد» التقت مترجم هذا العمل الأدبي العظيم، وكان هذا الحوار الذي يكشف فيه عن تفاصيل المشروع الثقافي والأدبي المهم الذي أنجزه، وكان مع هذا الحوار.

* ابتداءً، لابد من سؤال استهلالي حول أهمية العمل التي تدفع للتصدي لترجمة ما يزيد على ثلاثة آلاف وخمسمائة صفحة تحمل توقيع تولستوي، ونقلها إلى اللغة العربية؟ 
** إن توفرت لنا يوميات أي إنسان منذ بلغ 19 عاماً وحتى قبل وفاته بأيام بعد أن بلغ 82 عاماً، فسنقول، بكل تأكيد، إننا أمام مادة فريدة وشديدة الأهمية، فما بالنا إن كانت هذه اليوميات تتعلق بشخصية إنسانية وأدبية عظيمة كتولستوي! الحال أن يومياته تتيح لنا رحلة حقيقية داخل عقل وروح ووجدان شخصية إنسانية فريدة. طبعاً فهذه المادة تتميز بطول الفترة الزمنية التي تتناولها: (1847 - 1910)، وبالتالي يمكننا من خلالها معرفة الكثير عن سيرة ومسيرة تولستوي، وعن أحداث ووقائع عصره أيضاً.

والحال أن اليوميات تقدم لنا سجلاً أميناً عن حياة تولستوي وعالمه الفكري والأدبي، كما تجيب أيضاً عن أسئلة عديدة وألغاز كثيرة تتعلق بطبيعة شخصيته المركبة، فنفهم منها بقدر كبير كيف يفكر هذا الإنسان منذ شبابه وحتى شيخوخته، ونظرته إلى الحياة والدين، كما نجد فيها كذلك تأملاته الطويلة حول طبيعة الزمان والمكان والحركة والسببية والموت والكثير من الأفكار الفلسفية والروحية التي ظلت تراوده حتى أيامه الأخيرة.

* هل صحيح أنها لم تترجم إلى أي لغة أخرى من قبل؟
** نعم. هذا صحيح، على حد علمي على الأقل. نشرُ اليوميات كاملة مشروع عملاق، ولذلك لم تُترجم كاملة ولا حتى إلى الإنجليزية. ترجمت منها مقتطفات فحسب، ولكن العمل لم يترجم كاملاً، ولذا فنحن نتحدث عن مشروع عملاق يقدَّم إلى العربية كاملاً لأول مرة، كما أنها، على حد علمي، المرة الأولى التي يترجم فيها كاملاً إلى أي لغة أجنبية غير لغته الأم.

* فلنق الآن نظرة خاطفة على هيكل وبنية اليوميات، وما الذي يمكن أن نتوقف عنده من محطات في هذا النص الممتد؟
** تبدأ اليوميات بوجود تولستوي الشاب في المستشفى يعالج من مرض جنسي، وتنتهي بصلاته وتأملاته على فراش الموت في محطة قطار اضطر للركون إليها أثناء هروبه من صوفيا زوجته وعالمه القديم. ونتبين خلال هذه الرحلة الطويلة من «اليوميات» كيف تتشكل أفكار وشخصية تولستوي تدريجياً، حيث إن «اليوميات» لا تهتم بعرض أفكاره في صورة مكتملة كما نجد في يوميات أخرى، بل إنه يكتب أفكاره أثناء تشكلها وتبلوُرها حرفياً، ولذا نجد أفكاراً وأحياناً أنصاف أفكار بكر في طور التشكل، كما نلاحظ أيضاً كيف قد يقول الفكرة ويعود ليتخلى عنها أو يعدّلها أو ما شابه ذلك.

* رغم صغر سنك النسبي فقد سبقت هذا المشروع ترجمات أخرى وضعت اسمك في مصاف أهم مترجمي اللغة الروسية. كيف تحضرت لهذا المشروع الذي يحتاج بالتأكيد إلى تفرغ وتركيز واستعداد خاص؟
** سبق الخوضَ في هذه المغامرة الترجمية تفكيرٌ طويل من جانبي كمترجم، ومن جانب دار «آفاق» التي غامرت بإنتاج هذا المشروع دون أي دعم من أي مؤسسة أخرى على الإطلاق. وتطلب الأمر حسابات طويلة معقدة تتعلق بالمدة الزمنية التي يجب أن ينتهي فيها المشروع، وبالحسابات المادية والخوف من عدم إقبال القارئ من الأساس على عمل ضخم يتكون من ستة أجزاء، ومتوسط الجزء 600 صفحة تقريباً. ولعل ما ساعدنا على اتخاذ هذا القرار، في النهاية، أننا أدركنا أن هذا المشروع من نوعية المشاريع التي سيتضح أثرها على مدى فترة زمنية طويلة. وكانت «اليوميات» بمثابة مشروع مؤسسي لي كمترجم، وواحداً من أهم المشاريع الترجمية وأضخمها بالنسبة لدار النشر كما صرح مسؤولها بذلك.

* سألته، أخيراً: ما سر حماسك الكبير على المستوى الشخصي لإنجاز هذا المشروع؟
** أنا من عشاق أدب تولستوي، وهو يسجل يومياته بصراحة ملفتة، يساعده على ذلك ولعه الرهيب بجلْد الذات، ولذا نتابع في اليوميات سجلاً بخطاياه وسقطاته، والقواعد التي يسنُّها لنفسه، ومدى التزامه بها من عدمه، كما نتابع أيضاً تبلور أفكار الكثير من أعماله الأدبية ومقالاته الفكرية. ونتابع فيها كذلك الرسائل التي تصله يومياً، وعلاقته بالوسط الأدبي والسياسي من حوله. وبالطبع تضم اليوميات أيضاً تفاصيل علاقته بأسرته، كما يتضمن الجزء السادس والأخير تفاصيل الأزمة العنيفة التي اندلعت بينه وبين صوفيا زوجته التي انتهت بهروبه من المنزل! واللافت كذلك في اليوميات أنها تدوّن حتى لحظات هروبه وما حدث قبل وفاته بأيام بسيطة: 3- 4 أيام قبل الوفاة، وهذه بالطبع مادة مدهشة لكل من يريدون دراسة سيرة تولستوي، ولمن يحبون بشكل عام الاطلاع على تفاصيل حياة شخصية إنسانية بكل هذا الثراء والعمق.
وقد تطلبت ترجمة اليوميات طبعاً كتابة عدد ضخم من الحواشي التفسيرية التي تساعد القارئ على متابعة التفاصيل التي قد يجهلها أثناء قراءته لنص اليوميات، فنعرف كل المعلومات اللازمة عن الأشخاص والأماكن والخطابات المختلفة التي يتضمنها النص.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©