الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

أبوظبي منارة للتسامح والتنوع الثقافي

محمد خليفة المبارك
15 نوفمبر 2020 00:41

تقاس أعمار الأمم بإنجازاتها، ونحن في الإمارات تعلمنا من آبائنا المؤسسين وقيادتنا الحكيمة أن نجعل من اللحظة الحاضرة محطة تأمل وحلم، نصنع منها مسار مستقبل زاهر بالطموح والعزم، وها هي محطة الأمس بالحلم تصبح نقطة التوثب للمستقبل، بموعد يتجدد في مساحة منارات ثقافة وفنون ومتاحف عالمية، تدور بها وحولها آلية الإبداع المعرفي فناً تشكيلياً وإرثاً حضارياً وقيماً إنسانية ترسخ مكانة الدولة منارة للتسامح وبوتقة عالمية للتنوع الثقافي.
واليوم نشهد معاً انطلاقة واحد من أغنى الأسابيع الثقافية في أبوظبي، حيث يعود معرض «فن أبوظبي» الذي يعد درّة الأجندة الثقافية في العاصمة إلى محبي الفن الراقي، بنسخة خاصة عبر الفضاء الإلكتروني، وتزامناً مع الاحتفال باليوم العالمي للتسامح الذي أعلنته «اليونسكو» يوم غدٍ، يستضيف متحف اللوفر أبوظبي وجامعة نيويورك أبوظبي ندوة «المتاحف بإطارٍ جديد»، وتسعى هذه الندوة إلى تقديم صورة مختلفة عن المستقبل، وبناء حوار جدي وبناء حول أهم المسائل التي تواجه عالمنا اليوم، بمشاركة أهم المتحدثين والمفكرين.
وتعود علينا الذكرى السنوية لافتتاح متحف اللوفر أبوظبي، ونحن نعيش سنةً استثنائية بمعنى الكلمة، نجحنا خلالها في تخطي الكثير من التحديات، ونفخر أنّ المتحف نجح خلال ثلاث سنوات في تحقيق بصمة استثنائية في المشهد الثقافي في أبوظبي والمنطقة، ونحن سعداء بأن نرى هذا الصرح الكبير الذي انطلق كمجرد فكرة مشتركة بين دولتي الإمارات وفرنسا، وتحول اليوم إلى منارة ثقافية حقيقية للمنطقة والعالم.
ويمثل متحف اللوفر أبوظبي وندوته المتاحف بإطار جديد تجسيداً حقيقياً لاستراتيجية دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، التي تعمل على الدوام على ترسيخ النشاط الثقافي كجزء جوهري من مستقبل الإمارة، فالثقافة تفتح آفاقاً جديدة كلياً لجميع أبناء المنطقة، وهو ما يجعلها واحدة من أعمدة الاقتصاد القائم على المعرفة، الذي تعمل أبوظبي على بنائه.
واحتفاؤنا اليوم يسلّط الضوء على مكانة أبوظبي كمنارة للثقافة والفن، وقدرتها على إيصال صوتها في المشهد الثقافي الفني العالمي، بخاصة مع ما تمثله هذه المشاريع من ركيزة أساسية في تحقيق رسالة أبوظبي في ترسيخ التنوع والتسامح والإخاء بين مختلف الثقافات والأعراق والأديان، وفي جعل التجليات الثقافية بكافة أشكالها جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية.
كما أن هذه المشاريع إنما ترتكز على رؤيتنا التي نرحب من خلالها بالعالم كي نحتفي بأوجه التشابه وبما يجمعنا وليس بأوجه الاختلاف وبما يفرقنا، وفي ظل هذه الأوقات التي لم يسبق لها مثيل، تبرز الأهمية القصوى للإحساس بهذا الترابط، وبأننا جزءٌ من كينونة تفوق ذواتنا. 
وقد أثرت تحديات 2020 فينا أينما كنا، أفراداً ومجتمعات على السواء، ولكن حالة عدم اليقين السائدة حثتني على التفكير والتأمل في العالم الذي أثبت إلى حد الإلهام قدرته على التأقلم والمرونة والإبداع، وقد دفعتنا هذه السنة إلى الابتكار، ولم نحقق النجاحات إلاّ لأننا وضعنا الإنسان في صلب أجندتنا.
وتؤدي الثقافة دوراً محورياً في ربط الناس بعضهم ببعض آخر، وتوحيدنا باتجاه هدف مشترك، ومعالجة الاختلافات، ورفع المعنويات، علماً بأن العقبات التي فرضتها هذه السنة قد عززت ورسخت من هذا الدور، وستبقى دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي دعامة من دعامات المجتمع في الإمارة، وانطلاقاً من هذه المكانة فقد دخلت في مرحلة من التفكير والتأمل الداخلي لتحديد السبل الأنسب في أداء عملها بوصفها صلة وصل حيوية، ضمن المجتمع ومحركاً يدفع باتجاه تكوين فهم مشترك.
ورغم التحديات والفترات العصيبة التي مررنا بها خلال العام الجاري، إلاّ أننا لم نغفل أبداً عن دورنا المحوري في دعم كوادرنا ومساندة المجتمع وجمهورنا في المنطقة وجميع أنحاء العالم، لأنهم يمثّلون بوصلة جهودنا بل ويكتسبون أهمية كبيرة ضمن أجندة أعمالنا أكثر من أي وقت مضى.
وقد واصلت أبوظبي دورها الريادي في استضافة الكوادر والخبراء والمفكرين وأصحاب العقول اللامعة من جميع أنحاء العالم، مؤكدة مرة أخرى مكانتها البارزة كنقطة التقاء بين الشعوب والثقافات عند مفترق الطرق بين الشرق والغرب، ونحن فخورون بما نقدمه من دعم تجاه تراثنا وما نشهده من طرح متميز للآراء والرؤى المحلية، انسجاماً مع قيمنا الأصيلة المتمثّلة في تحقيق التنوّع والفكر المتقدم ودعم المجتمع الدولي.
نمتلك في الإمارة توازناً ثقافياً، والندوة التي نستضيفها تُعد خير مثال بما يتخللها من انسجام وتفاهم بين مختلف الثقافات، وهو ما يتجسّد جلياً في صميم رؤية متحف اللوفر أبوظبي وجزيرة السعديات بشكل عام.
وتكتسب إمارة أبوظبي زخماً قوياً بوصفها مدينة تؤمن بضرورة السعي نحو تحقيق أعلى درجات النجاح والإنجاز، وذلك من خلال دفع التحديات الشخصية إلى حدود جديدة سعياً وراء تحقيق طموحات أكبر، وإيجاد أفكار مبتكرة وغير معهودة مع إرساء أسس نموذج جديد يضمن تحقيق مستقبل مزدهر نعمل لأجله كل يوم، وهذا الاعتقاد الراسخ تندرج تحته مسؤولية التعاون والمشاركة ضمن حوار مثمر قادر على تمهيد طريقنا نحو المستقبل، ولا شك أن تبادل المعرفة وتعزيز أوجه التعاون والشراكة ستجعلنا في وضع أفضل وأقوى، كي نكون قادرين على رسم ملامح مستقبل يرعى مصالح الجميع دون استثناء.
...................
* رئيس مجلس إدارة دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©