الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الحرباوي.. من الوفرة اللونية إلى التقصير الصوري

الحرباوي بجوار إحدى لوحاته (من المصدر)
29 ديسمبر 2020 01:54

ساسي جبيل (تونس) 

يعتبر الزين الحرباوي واحداً من أبرز الفنانين التشكيليين في تونس، إذ تجاوزت تجربته مع اللون والفرشاة نصف قرن تقريباً، ولا يزال هذا الفنان العصامي مسكوناً بالشغف القديم في الرسم والتلوين والتظاهرات والمعارض الفنية في تونس وخارجها.  
ساعدته الرغبة في تغيير الأماكن والفضاءات على ترسيخ اسمه وبصمته الفنية في الساحة التونسية التي تعج بأسماء الكبار في هذا المجال، حتى بات يشكل ظاهرة فنية بمفرده، نظراً لاعتماده على شكل فني مميز ومختلف عن السائد من المدارس في البلاد، وزاده اجتهاده وتمرسه على الألوان قدرة على التعبير وبناء شخصية غنية متفردة، إذ لم يتم تدريبه في المدرسة العامة أو في معاهد الفنون الجميلة، ولكنه كان نتيجة جهد شخصي لفهم العالم من خلال الرسومات المفتوحة على أكثر من أفق واستخدام الألوان الزاهية عادة، مما ساعد على إلقاء الضوء في الفنان المستقبلي المتقن للانزياح في الصورة.
مارس الحرباوي اللوحة لعقود، فأهدته جمهوراً واسعاً وترحيباً كبيراً من النقاد والمهتمين بالشأن الفني، وتعمقت تجربته بشكل لافت، وسكنته رغبة جامحة في عدم التخلي أبداً عن ممارسة رسم البورتريهات بسهولة دون الخوض في بحث أعمق في تطوير الخط، لكنه سمح له باختراق العلاقة الحميمة للصورة، والتقاط تعبيراتها، ووقت التجهم، ووقت النظرة، والابتسامة المقيدة أو اللطيفة. هذه القدرة على الارتباط بالشخصيات التي تم التقاطها في صمت ضربات القلم الرصاص أو الفحم أو لمسات الألوان المائية، كانت بمثابة تمارين تعليمية كثيرة ولكنه لم يكتفِ بذلك أبداً.
يقول الناقد الصحفي التونسي حسين التليلي في معرض حديثه عن تجربة الحرباوي: «عرف كيف يتخطى مقاربته التلقائية والساذجة، لينتهي به الأمر بتعبير شخصي نقدي يسمح له بتقليل ما هو عرضي في عمله، والذي سمح له بالتشبث بأساسيات الوجه، وتحقيق الأصالة في اللوحة، فأغدق عليها سيل المئات من تفاصيل الوجه لإصلاح السمات المميزة للشخصية، بما يتجاوز الأذى الناتج عن الابتسامة أو شدة المظهر، فتعلم كيف يقرأ من الداخل لما يرسم. فقد أصبح رسام بورتريه حقيقي لأنه تمكن من الارتباط بالأرواح وكشف تعبيراتها العميقة دون وهج وبدون ثرثرة».
ومن إتقانه لفن البورتريه تعمق بحثه اللوني بشغف وبطريقة شخصية، ليخرج إلى الطبيعة المفتوحة، والميل إلى التمثيل المجهول للوجوه، فكان أن ضعف إتقانه القديم للصور في اكتشافاته الجديدة، وظهرت الصور في أبهى تجلياتها، فحافظ على علاقته بالواقع ولكنه لا يعطي التكوين والشخصيات والمناظر الطبيعية أهمية سيميائية مبالغاً فيها. ومع ذلك اعتمد اللون سبيلاً في أدائه الفني ورؤيته التي تجددت نحوه.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©