عدد اليوم
محمد نجيم (الرباط)
لا أحد اليوم ينكر مدى أهمية العلاقة التي تربط بين الفنان التشكيلي والمهندس المعماري، فالتشكيلي، كما المهندس المعماري، هدفه إبراز قيم الجمال وتجلياته في العمل الذي ينجزه. من هنا تأتي أهمية هذا الكتاب الذي ألفه الفنان والناقد الجمالي المغربي إبراهيم الحيسن «التشكيل والمدينة.. صداقة الرسام والمعماري» الصادر حديثاً ضمن منشورات خطوط وظلال في الأردن.
ويتطرق الكتاب، كما يقول مؤلفه لمجموعة لمجموعة من التيارات الفنية الحديثة والمعاصرة ذات الصلة بالبيئة والفضاءات العامة والمفتوحة، كفن الأرض وتجربة الباوهاوس، وكذا الإرساءات الفنية (الأنستليشن) بوصفه فن التجهيز في الفراغ بامتياز.. ثمَّ الحديث عن فنون النحت والعمارة والديزاين والنصب التذكارية، وتنسيق الحدائق، إلى غير ذلك من الفنون المكانية، التي تحكمها معايير جمالية وتعبيرية وتاريخية أيضاً. كما يفتح الكتاب مساحات واسعة للتأمُّل، وطرح المزيد من الأسئلة حول موضوع المدينة، والسؤال الجمالي الذي تتضح في ضوئه معالم الأدوار الإبداعية والعلاقة التكاملية بين الرسام والمعماري، ويخلص إلى توصيات وتدابير تدعو إلى تكريس مبدأ «الحق في المدينة»، وإعادة النظر في سياسات الإسكان والتهيئة الحضرية، إلى جانب تناول البنيان والمعمار التقليدي الإفريقي الجميل، والحديث عن البُعد التشكيلي في العمارة ووظيفة النحت وإدماجه في الفضاء البيئي، وكذا الحديث عن المؤسسات المتحفية وصالات العرض التشكيلي والعرض بالهواء الطلق، مع التطرُّق للتراث المعماري والتشكل الهندسي الكولونيالي في بعض المدن التي نسجت علاقات ممتدة مع الفن والجمال. أما الباحث الجمالي المعروف طلال معلا، فقد اعتبر في توطئة الكتاب أن الصلة بين الفضاء العام والفن، أضحت جزءاً من عديد الدراسات التي تصدَّى لها الجغرافيون الاجتماعيون والثقافيون، ممن طالت دراساتهم الفن بأشكاله المختلفة، وخاصة الفنون البصرية والتشكيلية والتخيُّلات المكانية للمساحات والفضاءات العامة.
