السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

مقهى الحافة.. بستان معلق بين أزرقين

مقهى الحافة.. بستان معلق بين أزرقين
21 ابريل 2021 01:00

محمد نجيم (الرباط)

لن تكتمل زيارتك لطنجة إن لم تستمتع بفنجانٍ من الشاي الأخضر المعد بالطريقة المغربية الأصيلة في مقهى الحافة، الذي لا يبعد إلا مسافة قصيرة عن ساحة مرشان الشهيرة. ويعود تاريخ تأسيسه إلى عشرينيات القرن التاسع عشر، وكان رواده من البسطاء والفقراء الذين يفترشون الحصير لاحتساء كوب من الشاي فوق المنحدر الصخري الذي يمكن من خلاله رؤية السواحل الجنوبية لإسبانيا. 

  • محمد شكري
    محمد شكري

ارتبط المقهى باسم الكاتب المغربي العالمي الراحل محمد شكري الذي كان من رواده المخلصين، وفي هذا المكان استلهم شكري روايته ذائعة الصيت «الخبز الحافي»، وفيها كان يلتقي بصديقه الروائي والكاتب الشهير الطاهر بن جلون، كما أن مقهى الحافة، ببساطة أثاثه كان المكان المفضل للكاتب الأميركي الشهير بوول بولز الذي عاش في المغرب لسنوات طويلة، وصادق محمد شكري، كما حظي مقهى الحافة بزيارة الممثل العالمي الشهير شون كونري وأعضاء المجموعة الموسيقية الشهيرة «روليغ ستون»، وبعض أعضاء الفرقة الموسيقية «البيتلز».
ووفقاً للباحث في تاريخ طنجة الزبير بوشتى، فإن هذا المكان على الرغم من بساطته كان مقصداً مفضلاً لعباقرة الأدب والفنون خلال إقامتهم في طنجة، ومنهم جاك كيرواك مؤلف رائعة «الملائكة المشردون»، وروائيون كبار أمثال: جان جينيه، وبول بوولز، وتينيسي وليامز، فضلاً عن محمد شكري ومحمد برادة والرسام المغربي محمد الحمري والرسام العالمي ماتيس ومشاهير الأدب والفن التشكيلي الذين زاروا طنجة أو عاشوا فيها. 
ومقهى الحافة أو «البستان المعلق» كما يسميه البعض، يشبه الأسطورة فقبل عام 1914، يقول بوشتى: «لم يكن هذا المرتفع حيث المقهى الآن سوى جزء من تلٍ ناء يستعصي على المتجول السير فوق تعرجاته الوعرة ولو بضع خطوات». 
وفوق «السدة» المفروشة بالحصير، حيث يقرفص السياح حول البا امحمد الرجل المسن الوقور، مؤسس المقهى ومالكه، وهو يحكي عن عنفوان الشباب وقوة العضلات وفورة الصحة التي أهلته لإقامة هذا المقهى، وترتسم على شفتيه ابتسامة وهو يعود بذاكرته إلى أوائل العشرينيات، إذ كان عمره لا يتجاوز الـ14 عاماً، حين كان ينزل سفوح التلال المجاورة لاقتلاع الصخور محولاً المرتفع الوعر إلى مدرجات مشجرة ومخضرّة. 
فما من قاصد لطنجة عابراً أو مستقراً إلا وحلَّ بهذا البستان المعلق بين زرقتي البحر والسماء، للتأمل، والكتابة والاستمتاع بالنسيم الذي يهب عليها ممزوجاً برائحة البحر وأريج الورود وشذى الشاي المنعنع، في جلسة تأملية هادئة تزيد من هدوئها شاعرية الموقع.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©