الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

بشرى المؤمن.. ثناء الخلق على فعل الخير

بشرى المؤمن.. ثناء الخلق على فعل الخير
7 مايو 2021 21:42

أبوظبي (الاتحاد)

يظن البعض أن ثناء الناس على عمل الخير أو فاعله قد يدخله في الرياء، وهذا غير صحيح، كما جاء في الحديث عني النبي، صلى الله عليه وسلم، «تلك عاجل بشرى المؤمن»، لأن من أخلص العمل لله، وأثنى عليه الناس عليه، وهو غير متطلع إلى مدحهم فليس هذا من الرياء، إنما الرياء أن تزين العمل وتحسنه من أجلهم، وما دام المسلم فعل الخير لله مخلصاً  فإنه من قبيل بشرى المؤمن، وفي الحديث عَنْ أَبِي ذَرٍّ الغفاري رضي الله عنه، قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَعْمَلُ الْعَمَلَ مِنَ الْخَيْرِ، وَيَحْمَدُهُ النَّاسُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: «تِلْكَ عَاجِلُ بُشْرَى الْمُؤْمِنِ».
والبشارة هي ما يسر به الإنسان، من خبر أو حال، «والبشارة هي» الأمر السار الذي يعرف به المسلم حسن عاقبته، وأنه من أهل السعادة، وأن عمله مقبول، ومرضي عنه، والبشارة في الدنيا يعجلها الله للمؤمنين أحياناً تنشيطاً لهم على الأعمال، ودفعاً لهم للمحافظة عليها، فإذا كان العبد يجد أعمال الخير مسهلة عليه، ميسرة له، كان ذلك من البشرى التي يستدل بها المؤمن على حسن حاله، وعاقبة أمره، قال تعالى: (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ)، «سورة الليل: الآيات 5 - 7».
ومن البشرى للمؤمن: أن يثني الناس عليه خيراً، ويحمدوا صنيعه شكراً، فإن ثناء الناس عليه بالخير شهادة طيبة له، وعلامة محبتهم له، فمن شكره الناس وأشادوا به فهي شهادة حسنة له، فالناس هم شهداء الله في أرضه، قَالَ عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَقُولُ: إن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم مَرُّوا بِجَنَازَةٍ، فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْراً، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «وَجَبَتْ» ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرّاً، فَقَالَ: «وَجَبَتْ» فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: مَا وَجَبَتْ؟ قَالَ: «هَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْراً، فَوَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ، وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا، فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الأَرْضِ». 
وأحياناً يثنون عليه ويحسنون الكلام فيه، ويعبرون عن محبتهم له فهذه نعمة الله عليه. قال - تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا)، «سورة مريم: الآية 96». أي: أَنَّهُ -تَعَالَى- سَيُحْدِثُ مَوَدَّةً وَيَزْرَعُهَا لَهُمْ فِيهَا فِي الْقُلُوبِ مِنْ غَيْرِ قَرَابَةٍ أَوْ صَدَاقَةٍ أَوِ اصْطِنَاعِ مَعْرُوفٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ تَفَضُّلٌ مِنْهُ تَعَالَى.
ومن شرح الله صدره إلى الصالح من العمل، وصار يطمئن إليه، ويفرح به، كان توفيقا من الله تعالى، وبشارة خير له، قال سبحانه: (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ)، «سورة الليل: الآيات 5 - 7». فهذه البشرى المعجلة له بالخير، هي دليل للبشرى المؤخرة له في الآخرة بقوله -تعالى-: (... بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ ...)، «سورة الحديد: الآية 12»، فمن البشرى ما يجده المؤمن في نفسه من راحة ورغبة في الأعمال الصالحة، ورضى بها، وطمأنينة إليها؛ قال صلى الله عليه وسلم: «وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ».  
وإن البشارة المعجلة في الدنيا دليل على رضا الله عنه ومحبته له، وتحبيبه إلى الخلق، ثم يوضع له القبول في الأرض، قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْداً دَعَا جِبْرِيلَ فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّ فُلَاناً فَأَحِبَّهُ، قَالَ: فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنَادِي فِي السَّمَاءِ فَيَقُولُ: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلَاناً فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، قَالَ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ».
قال الصالحون: إذا اشتغل العبد بالله، عز وجل، استنار قلبه، وامتلأ نوراً، فتظهر عليه آثار الخشوع والخضوع، فيحبه الناس، ويثنون عليه، فتلك عاجل بشراه بمحبة الله له ورضوانه عليه. 
ومن البشارة للمؤمن الرؤيا الصالحة، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ، يَرَاهَا الْمُسْلِمُ، أَوْ تُرَى لَهُ».
ونخلص من ذلك إلى أن حب الناس للمرء ودعاءهم له، من عاجل بشرى المؤمن. وثناء الناس ومدحهم لا يتعارض مع إخلاص العمل لله تعالى، وانشراح الصدر للأعمال الصالحة، والمواظبة عليها هي من البشارات الطيبة، والرؤيا الصالحة من عاجل بشرى المؤمن التي يستبشر بها المؤمن في الدنيا.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©