السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

في ذكرى ميلاد شاعر الهند الأشهر الـ160.. «طاغور» الموت لم يغيبه

طاغور
10 مايو 2021 01:46

محمود إسماعيل بدر (أبوظبي)

تزامناً مع ذكرى ميلاد الشاعر الهندي الكبير روبندرونات طاغور (1861 - 1941)، تتسلط الأضواء هذه الأيام على الهند في محنتها مع جائحة «كورونا» وفيروسها وباتت بؤرته العالمية، والذي يحصد الآلاف من الأبرياء بشكل يومي ومتسارع، حتى أصبح الوباء في هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه قرابة المليار وثلاثمائة مليون شخص، وعلى الرغم من ذلك لم تنسَ الأوساط الثقافية الهندية أن تحتفي بشاعرها الأشهر، الذي اشتبك شعره بالألم والحب والحكمة والإنسانية.
الاحتفاء بطاغور صاحب ديوان «طيور تائهة» يشبه كثيراً عديد الفصول من مسيرته وحياته، طالما أن ثيمة «الموت» سيدة الموقف في الراهن الهندي، وربما تكون أكثر الفصول مأساوية في حياته رحيل زوجته الشّابّة، محوّلاً ذلك إلى أيقونة شعرية في بعض نصوصه، وبعد ذلك بعض أبنائه ووالده في الفترة ما بين 1902 إلى 1907، ما جعل شعره استثنائياً في مستويات الفقد والغياب في عالم عدواني. والمتتبع لرحلته مع الشعر، سيجد أيضاً ذلك الهاجس السياسي، فنصوصه على الرغم من بساطتها، إلا أنها تنتصر للهوية الهندية على حساب رهانات التغريب التي تتنظّر له السلطة الاستعمارية في تلك الحقبة من تاريخ النضال الهندي.
وحاز طاغور صاحب لقب «شاعر الشعراء» جائزة نوبل للآداب عام 1913، بسبب توّجّه موضوعات قصائده المصاغة بالبنغالية نحو المهمشين في الدنيا والسائرين على دروب الفقر وحياة قاع المدينة، ووصف نقاد أعماله الرفيعة بأنها غيرت الموروث الهندي الأدبي، وأثرت في جمهور كبير خلال القرن الـ20، لتبقى هذه الأعمال بعد وفاته إرثاً ينهل منه رواد الأدب ومحبو المؤلفات الفلسفية، إنه الأديب الذي يكتب بفلسفة عميقة، ويبحث في مصائر البشر نحو كرامة وطنية صافية.
عمل طاغور على تقديم الموروث الشعبي والثقافة الهندية وصورة الحياة في الهند إلى العالم، من خلال أعماله الأدبية من شعر ونثر وكتب ومقالات تناولت أوضاع الريفيين في الهند وظروف معيشتهم القاسية وأوضاع البسطاء في بلاده، مكرساً شهرته وأمواله في إنشاء مؤسسات تعليمية مثل الجامعة الهندية للتعليم العالي، كما اهتم بتنمية المجتمع من خلال أعمال انتقدت العادات والتقاليد الجائرة وبعض العقائد المنتشرة وأدانت التمييز العنصري والإرهاب الفكري والتطرف.
قد لا تفيد استعادة الحديث عن طاغور اليوم كثيراً، وقد لا تصل إلى معنى العزاء بضحايا «الجائحة»، بل تسهم في تقديم الثقافة والأدب الرفيع حينما تنتصر للحالة والراهن، فطاغور كان صاحب فكر مؤسس وفلسفة الحضارة القادمة لرؤية تترفّع عن التمييز الطبقي والتعصب الاعتقادي، بهذا المعنى يلتف العالم حول إنقاذ الهند من محنتها الكارثية، وبهذا المعنى أيضاً لا يزال طاغور يلعب دوره بعد قرابة ثمانية عقود من رحيله، ليس في الهند وحدها، بل في العالم بأسره.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©