الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

ابن سيده.. أعلم أهل الأندلس بالنّحو واللّغة

ابن سيده.. أعلم أهل الأندلس بالنّحو واللّغة
11 مايو 2021 01:34

ساسي جبيل (تونس)

المسيرة الإيجابية في الحياة تصنع بالعزيمة، وترتقي بالفعل الجاد والإضافة النوعية من خلال الاندماج والمساهمة والامتزاج التلقائي بالمجتمع، وتجاوز كل المعوقات. في هذه المساحة نستعرض سيرة حياة كُتاب وفنانين ومبدعين من أصحاب الهمم، ارتبطت أسماؤهم بتجاوز العوائق والقدرة على التفوق والتألق.
هو علي بن إسماعيل بن سيده، ولد سنة 398 للهجرة، نشأ وتربّى في مدينة «مرسيّة» شرق الأندلس، رافقة العمى منذ ولادته. قضى الطفل الضرير طفولته في كنف أبيه الأعمى هو الآخر والعالم بالنحو واللّغة، فتلقى مبادئ العلوم النّحويّة وأتمّ حفظ القرآن الكريم، إلاّ أن رعاية الأب لم تدم طويلاً، فقد توفيّ وهو في طفولته المبكرة، لكن الصبيّ النّابه واصل الدّرس والتلقّي عن شيوخ عصره وبلده، ممن مكنته الظّروف من الوصول إليهم.
قرأ كتاب «سيبويه» عن أبي عثمان الهذلي، وانتهز فرصة قدوم العالم أبي عمر الطلمنكي لمرسيّة فأخذ عنه، وروى له جملة من كتب اللّغة، وشدّ من أزر ذلك الجهد استعداده الذّهني وحماسته الفيّاضة في التعلّم والحفظ والتدرّب والتحليل والتّعليل، وقد أعجب به الطلمنكي لقوّة حافظته ومهارة محاججته.
عرفت بلاد الأندلس في عصره بكثرة الصّراعات والاضطرابات، فذمّ الطفل زمانه وبدأ ينهج في تلقّف السّقطات والهفوات اللّغويّة فاعتزل النّاس.
انتقل ابن سيده من «مرسيّة» إلى «دانية» وهو في السّابعة عشرة من عمره، وكانت المدينة آنذاك تحت حكم الصّقالبة في شرقيّ الأندلس ومحجّة لعلماء العصر، لما عرف عن حاكمها من حبّ العلم والمعرفة والعلماء ومساهمته في الإثراء والاستماع، فلقي حظوته عنده عندما قدّم له كتابه «المخصّص» امتثالاً لأمره، كما تتالت مؤلّفاته ومنها «العويص في شرح إصلاح المنطق»، و«الوافي في علم القوافي» وكتابه «المحكم والمحيط الأعظم»، غير أنّه لم ينل منه الكثير من العطايا، لذلك لم يعش عيشة راضية آمنة، بل كان يندب سوء حظّه حتّى وصل به الأمر أن يمدّ يده لرجالات أبي مجاهد حاكم «دانية»، وقد أثّر ذلك فيه كثيراً، وأصبح ناقماً على أبناء عصره فرماهم بالجهل والتّكالب على كسب المال حاسّاً بخيبة كبيرة.
عندما توفيّ مجاهد، اضطربت الأحوال وساءت علاقته بالأمير الجديد، فاضطر إلى المغادرة، ثمّ عاد إلى المدينة بعد عامين، راضياً بقسمته، عاكفاً على التّأليف، مستأنساً إلى قلّة من تلاميذه. قيل عنه «أعلم أهل الأندلس قاطبة بالنّحو واللّغة والأشعار وأحفظهم لذلك».
وقال العلامة اللغوي محمد محمود الشنقيطي عن كتاب «المخصص» لابن سيده: «أحسن ديوان من دواوين اللغة العربية، وأحق كتاب بأن يرحل في طلبه من أراد السبق في الفضل، إذ جمع فيه ما تكلمت به العرب في كل جليل ودقيق، حتى إذا فرغ من ذلك أفاض في أبواب العربية، من نحو وصرف وغيرهما». توفيّ العلاّمة ابن سيده عام 458 للهجرة بعد سيرة من التحليل والاستنباط وإطلاق الأحكام في مجال النحو.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©