عدد اليوم
ميدان السباق وموسم العطاء الإلهي، ونفحات النور ملأت الأرجاء، إنه شهر رمضان، شهر الإقبال على الله، شهر الهمة في الطاعات، شهر الاجتهاد في العبادة، شهر التنافس في الخير، أيام معدودات، سريعة أيامه، وقصيرة ساعاته، وعظيمة بركاته، شهر رمضان فرصة عظيمة لعلو الهمة وتزكية النفس وسمو الروح، ولنا في رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الأسوة الحسنة، فقد كان في رمضان يضاعف همته في العبادة، ويكثر من الإقبال على الله صلاة وذكراً وتلاوة ودعاء وتضرعاً، وهو الذي قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وكذلك أصحابه الكرام، كان رمضان بالنسبة لهم ميدان تنافس في الخير ومضمار سباق في العبادة، وكان يُسمع لبيوتهم في ليالي رمضان دويٌ كدوي النحل، ومن بعدهم أئمة الهدى من فقهاء وعلماء كانوا إذا دخل رمضان طووا كتبهم وأقبلوا على كتاب الله يقرأونه ويتلونه حق تلاوته.
لقد أكرمنا الله برمضان لنجدد الإيمان، ولنستعيد صفاء الروح وطهارة القلب وتزكية النفس، فلنجعل شهر رمضان مناسبة للإقبال على الله، مناسبة للتصالح مع الذات، مناسبة للعودة إلى رحاب الله، والوقوف ببابه والتذلل بأعتابه، وفي التذلل لله عين العزة والكرامة، فلنتعرض لنفحات الله في هذا الشهر الكريم، وأوقات رمضان أغلى وأثمن من أن نمضيها بالترهات والسفاسف والملهيات، إن كل لحظة من رمضان كنزٌ عظيم لا يقدر بثمن، ما أجملك أخي المؤمن وأختي المؤمنة وأنت تفتح كتاب ربك تحدثه ويحدثك، ما أجملك في ليل رمضان وأنت تنصب قدميك للقيام بإقبال وخشوع، ما أجملك وأنت ترفع يديك في السحر تناجي ربك، تتضرع إليه، ترفع إليه حاجاتك وتبثه شكواك وتنزل به حاجاتك وتسأله مسائلك،
(وما الليل إلا للمحب مطيةٌ وميدان سبق فاستبق تبلغ المنى)
: إن رمضان ليس كغيره من الأزمان، وإن بركة أوقاته عطاء وكرم من الرحيم الرحمن، ونحن مدعوون لمائدة الله في رمضان نحن مدعوون لباب الريان، نحن مدعوون لرياض الجنان، قال صلى الله عليه وسلم: «إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ».
