الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«الليالي البيضاء».. سرد فضاءات الحلم

«الليالي البيضاء».. سرد فضاءات الحلم
10 يونيو 2021 01:13

فاطمة عطفة (أبوظبي)

كانت رواية «الليالي البيضاء» للكاتب الروسي فيودور دويستوفسكي موضوع جلسة افتراضية في مؤسسة «بحر الثقافة»، بحضور الشيخة روضة بنت محمد بن خالد آل نهيان، وأدارت الجلسة مها العيسى، وهي رواية قصيرة يصور فيها الكاتب ما يجري لشاب حالم خلال أربع ليالٍ في مدينة سان بطرسبورغ، وفيها شخصيتان رئيستان هما: الرواي الذي لم يذكر اسمه، والفتاة ناستينكا التي تعيش مع جدتها الضريرة، إضافة إلى عدد محدود من شخصيات ثانوية يمر ذكرها مروراً عابراً. وتبدأ الليلة الأولى بهذه العبارة: «كانت ليلة رائعة، أيها القارئ العزيز، ومثل هذه الليلة الجميلة، ربما لا نراها إلا عندما نكون في ريعان الشباب». وهكذا تتكرر مخاطبة الراوي للقارئ أكثر من مرة، وكأنه يحاول كسر جدار الصمت الذي يحيط به، لأنه يعاني من وحدة موحشة في مدينة كبيرة، وهو شاب خجول جداً، وخاصة في مخاطبة النساء، وعاجز أيضاً عن إقامة أي علاقة ودية.

دقة سردية
وقد أثارت الرواية إعجاب جميع المشاركات في النقاش، فبنيتها مرسومة بدقة سردية مدهشة: في الليلة الأولى يتم التعارف بعد أن أنقذ الفتاة بشهامة من تحرش رجل غريب، وفي الليلة الثانية يروي الشاب قصة حياته وأحلامه بطلاقة وكأنه يقرأ في كتاب. وفي الليلة الثالثة تروي له الفتاة قصتها مع جدتها والمستأجر الذي أحبته وكادت تهرب معه إلى موسكو، ولكنه أخبرها أنه فقير وقد وعدها بأن يعود بعد سنة، وكانت تلك العودة المكللة بالزواج مدار الليلة الرابعة، وهي الخاتمة الحزينة التي أصابت الراوي بالإحباط وأعادته إلى وحدته وعزلته من جديد.

كلام في الخيال
وخلال النقاش أشير إلى جمال الربيع في المدينة والتحولات التي جرت على المجتمع خلال العطلة الصيفية وذهاب الأثرياء إلى الجزر والضواحي، والراوي باقٍ في الشوارع أو في بيته مع وحدته وأفكاره، إضافة إلى دقة التعبير وجماله في وصف التفاصيل الوجدانية التي تجمع عليها الإنسانية من خلال حبه العذري، أو في علاقة الحفيدة ناستينكا مع الجدة التي ربطت طرف ثوب حفيدتها بالدبوس مع ثوبها لتلزمها بالبقاء إلى جانبها، وهي لقطة فيها خوف ومودة عميقة. ونرى السارد يعيش مع أحلامه وتأملاته من دون أن يكلم أحداً إلا في خياله، وهو يصف حالته مع صديقته الحبيبة ولا يجرؤ أن يفاتحها بحبه. كما أن الكاتب يصور أيضاً العوالم والفضاءات الذهنية للإنسان الحالم مبيناً أهمية الصداقة والحب والشعر في الحياة، ويغوص في أعماق النفس البشرية وما تعانيه الشخصيات التي يتناولها في أعماله.
وقد أجمعت المداخلات على أهمية الرواية وعمق القيم التي عبر عنها الكاتب عملاق الأدب الروسي دويستوفسكي، حيث استطاع أن يكتب قصة طويلة تحمل الكثير من المشاعر الإنسانية النبيلة، إضافة إلى ملامح البيئة في مدينة بطرسبورغ، وكيف تعامل البطل مع المباني وما يطرأ عليها وكأنها شخوص حية، وهو يتأمل المنازل ويتحدث عنها كأنها أصدقاء، وخاصة ذلك المنزل بلونه الوردي الفاتح الذي صبغوه بطلاء أصفر سبب له صدمة كبيرة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©