الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

وائل الأعور متحدثاً عن مشروع «أرضٌ لَدِنة»: ثلوج كريستالية وسط الصحراء

وائل الأعور متحدثاً عن مشروع «أرضٌ لَدِنة»: ثلوج كريستالية وسط الصحراء
1 يوليو 2021 00:36

نوف الموسى

ما الذي نعرفه فعلاً، عن المادة المبتكرة البديلة للإسمنت ـصديقة للبيئةـ «أكسيد المغنسيوم MgO»، التي تم تطويرها من نفايات المحلول المحلي المعاد تدويره، المتخلف عن عملية تحلية المياه الصناعية، المتوفرة بكثرة في دولة الإمارات، مشكلةً الركيزة الأساسية في بحث العلاقة بين دراسة طبيعة «السبخات» وبحث الهوية المحلية في العمارة الحديثة، ضمن مشروع «أرضٌ لَدِنة»، خلال مشاركة الجناح الوطني لدولة الإمارات، في النسخة الـ17 للمعرض الدولي للعمارة 2021 في بينالي البندقية، المستمر حتى 21 نوفمبر المقبل. وما مدى تأثير تعاون المصممين المعماريين والقيمين الفنيين لمعرض الجناح الوطني وائل الأعور، وكينيتشي تيراموتو، في ترسيخ العناصر الطبيعية مثل «الملح»، وبيان ارتباطها بالتفرد المحلي، والبدء بإعادة طرح الأسئلة في الدور الاستثنائي للعمارة، وقابلية إحداث التشكل والتطوير المستمر للهوية، التي تعد مصدراً مهماً للحسّ المشترك؟ هذه محاور نوعية، تنساب إلى الموضوعات الثقافية، بل وتعد في الوقت الراهن أحد الأسئلة الجدلية في تأثير الأبنية على طرق التفكير. شارك في بحث هذه التساؤلات وائل الأعور عبر حديثه لـ«الاتحاد الثقافي»، قائلاً: «المشكلة في العمارة الحديثة، أنها تفتقد لروح الهوية المحلية، فبعض الأبنية في الإمارات، باتت تشابه أبنية أخرى في البرازيل أو اليابان، في مشروعنا نحاول أن نطرح السؤال، وكيف نستطيع أن نقرأ هويتنا وثقافتنا في عالم العمارة الجديدة».

  • وائل الأعور
    وائل الأعور

لعل أبرز ما توقف عنده وائل الأعور، هو ما قدمته «السبخة» في دولة الإمارات، والتي قد يزيد عمرها على 200 إلى 300 عام، من مرجعية علمية لفهم المكونات الحيوية، والسعي إلى تطوير مادة طبيعية بديلة للإسمنت، بالتعاون مع فرق متخصصة من مختبر «أمبر» التابع لجامعة نيويورك أبوظبي، وقسم الأحياء والكيمياء والعلوم البيئية التابع للجامعة الأميركية في الشارقة، بالإضافة إلى مختبر «أبوتشي» ومختبر «ساتو» التابعين لجامعة طوكيو، اعتبرها الأعور بمثابة ثلوج كريستالية في وسط الصحراء، موضحاً أن هناك هدفين رئيسين من عمليات البحث التي قاموا بها، الأول متعلق بحماية البحر من تلك المخلفات الناجمة عن عملية تحلية المياه التي تنتجها المحطات، وهي عبارة عن مياه مالحة التركيز، كانت تُعاد سابقاً إلى البحر، ما يتسبب في رفع درجة حرارة المياه الساحلية، ويقلل نسب الأكسجين. 

والثاني هو إنتاج مادة إسمنت طبيعية بديلة لما هو مستخدم حالياً، والمعروف بالإسمنت «البورتلاندي»، الذي يتكون من دمج خليط من مادة تحمل أكسيد الكالسيوم، أحد المسببات الرئيسية لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، والذي تم استبداله في المشروع بـ«أكسيد المغنسيوم»، MgO، المستخرج من المحلول المحلي الناتج عن عملية تحلية المياه. وحول بيان أوجه تطوير «النموذج الأولي»، ومراحل ما بعد إنتاج أكسيد المغنسيوم «MgO»، المكون لهيكل مبتكر يصل إلى 3000 وحدة مصنوعة من مادة بديلة للإسمنت، معروضة في بينالي العمارة، وإمكانية تفعيل حضوره في المشاريع الهندسية الحالية، سواء المدنية والمعمارية، أكد وائل الأعور أهمية دراسة الكيفية، فالنموذج الأولي يحتاج إلى التجريب، وقد يلاحظ المشاهد للعمل، أن ما تم عرضه قريب إلى كونه قطعة فنية، بهدف التساؤل عن مدى إمكانية العمارة من إحداث «الكيفية». ولفت الأعور أن المياه المالحة الناتجة عن التحلية، متوفرة بتركيز عالٍ في دول الخليج العربي، بسبب ندرة المياه العذبة، مقارنة بدول عديدة في العالم، ما يعطي المنطقة خصوصية استثمار لتلك المخلفات الصناعية، وبذلك يتلاشى أي ضرر مباشر على الطبيعة، إلى جانب أن «السبخة» بمثابة منصة تعلم، تتيح للباحثين دراسة مكوناتها الطبيعية، دون أن تمس، بل تفتح آفاقاً معرفية لآلية الاستفادة من إعادة تدوير المخلفات الصناعية، عبر استخدام التكنولوجيا، نتجت عنها مادة قوية غير قابلة للذوبان.

مفهوم التنوع
هناك إشارة واضحة عبر مشروع «أرضٌ لَدِنة»، حول إدراك مفهوم «التنوع»، كقيمة أساسية في العمارة، من خلال تعزيز مسألة التوازن البيئي والعيش الإنساني عالمياً، بناء على تعددية تلك العناصر الطبيعية واختلافها، فما هي تحدياتها أمام الأنظمة الاقتصادية الحالية، وهل يمكن بناء اقتصادات مستدامة، تدعم المعماريين؟ في هذا السياق، اعتبر وائل الأعور أنهم بدؤوا البحث قبل أزمة «كوفيد - 19»، التي وجهت الأنظار مجدداً إلى الاقتصاد والموارد المحلية، والعمارة لها نصيب مهم، من الاهتمام والبحث العلمي، فلا يمكن الاستمرار بنفس الاستنزاف البيئي المتعلق بأزمة المناخ العالمية. وأضاف وائل الأعور أن الأمر يعيدنا مجدداً إلى العمارة الحديثة وإشكالياتها في فصلها للعناصر الطبيعية لكل جغرافيا عن مكونات الأبنية، إضافة إلى عدم تفكيرها بالبناء الثقافي لكل مجتمع، من مثل كيف يجلس الأفراد مع بعضهم بعضاً في الغرف، وكيف يأكلون معاً، كونها جزءاً من حالة التنوع المذهلة بين مختلف الثقافات، وعلينا التفكير ملياً في كيفية إعادة العمارة إلى هويتها المحلية؛ لأن العالم لا يملك خياراً آخر، كجزء من الحفاظ على التوازن البيئي والتنوع الثقافي، والذي سيفتح أفقاً جديدة من الاستثمارات نحو القطاع.

سبخات مستدامة
كان مفهوم «بيئة استجمام صحية»؛ أحد المصطلحات اللافته المطروحة في الشروحات البصرية للمشروع «أرضٌ لَدِنة»، فهل يمكن بناء «سبخات مستدامة»، لأهمية أدوارها الجوهرية للطبيعة، فمثلاً: هل يمكن أن نتخيل فضاء من السبخة في وسط المدن، يرتاده الناس ويتفاعلون معه، مثل أشجار المانجروف، أي محميات شبيهة بفكرة المنتجات الطبيعية، تعمل على بناء علاقة متينة بين الأفراد وعناصر الطبيعة، المشكِّلة للهوية المحلية، في اعتقاد وائل الأعور أن الأمر ممكن جداً، كون دولة الإمارات واحدة من كبريات الدول الحاضنة للسبخات في العالم، والتي تقوم بدور يفوق الغابات الماطرة، في الحفاظ على التوازن البيئي، ويمكن رؤيتها بمثابة منتجع للاسترخاء وحدائق عامة. وعن مستوى التلقي، أشار وائل الأعور إلى أن ردود الفعل في بينالي العمارة، كانت إيجابية من قبل الزوار والمعماريين والمختصين، وذلك لأن المشروع جاء بحلول، مبيناً أنه من المهم التفكير بحل واقعي، وليس الاكتفاء بأمور متخيلة فقط، بل أن تكون ثمة إمكانية واضحة لتنفيذه، وفي الوقت نفسه، فإن السؤال القادم هو عن الخطوة التالية ما بعد بناء النموذج الأولي، الذي استطعنا أن نصممه بطريقة تفاعلت معه خلالها أيدي الحرفيين، وأهديناه إحساساً بالمحتوى الثقافي لدولة الإمارات، تحديداً القوالب المصبوبة يدوياً، على أشكال الشعاب المرجانية الطبيعية، والتي كانت حاضرة في الممارسات الإنشائية التقليدية بدولة الإمارات، والتي تمثّلت في المنازل القديمة المصنوعة من الأحجار البحرية والشعب المرجانية.

 

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©