الجمعة 17 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

لوحات محمد القاسمي.. آتية من أزمنة غابرة

من إبداعات محمد القاسمي (من المصدر)
27 فبراير 2022 01:35

محمد نجيم (الرباط)

يتواصل بمدينة مراكش عرض أعمال التشكيلي المغربي الراحل محمد القاسمي (1942 - 2003)، في أضخم معرض استعادي ينظم تحت عنوان «العمل مكشوفاً». هذا الفنان الذي أثرى التشكيل المغربي ببصمته المتفردة، إذ يُعد من كبار التشكيليين المغاربة وقدم أعماله منذ ستينيات القرن الماضي قبل أن يعرض لوحاته في عدد من بلدان العالم منها: فرنسا، إسبانيا، ألمانيا، كندا، بريطانيا، الولايات المتحدة الأميركية، البحرين، الكويت، الجزائر، ومصر، ودول أخرى.
أُعجب بأعماله كبار المفكرين ونقاد الفن منهم: أدونيس، جاك دريدا، رولان بارث وجان بودريار، ويتبدى في أعمال محمد القاسمي، قلق الشاعر والمفكر المنشغل بأعطاب الذات وتحولات العالم، مُحاولاً الحفر في كنه الوجوه وتفاصيلها بتقنيات بصرية تستغور أبعاد الرمز والتكوينات الإشارية المبهمة حيث يسبح بالألوان والفراغات والخطوط ليترك في ذات المتلقي قلق السؤال وشذرية المعنى.
انشغل الفنان الراحل محمد القاسمي في جل أعماله بالجسد الذي مُنح على يد الفنان هويات وسرود بصرية مختلفة ومتعددة، إن الأجساد البادية في جل القطع الفنية التي أبدعها القاسمي، حسب الناقد الجمالي إبراهيم الحيْسن: هي أجساد ميثولوجية، بل آتية من أزمنة غابرة وتظهر في شكل «كائنات إنسية».. ملائكية بكامل تحولاتها الفيزيقية والناتجة عن تمكن الفنان من التلاعب بالمادة وتثبيتها فوق السند، فهو يقوم بمُراكَمة مواد اشتغاله ومزجها بالصباغة أو مزج الصباغة بها لتصير هذه الأخيرة سميكة تجمع بين مكوناتها الحبال والأسلاك والخيوط وقطع الخشب والكولاج بالورق والألياف الثوبية والخيش... هكذا يبدو الابتكار لديه «بلمسات، وبخفاء يبدو هذا الارتجال وهو يرقص، بحثا عن شكل دينامي في مادة ذات تعددية: الصمغ، الصباغ، و«الأكريليك»، يستخدم أصابعه، وريشة، وحبالاً نحيفة وورقاً مقوى.. أشياء كلها امتدادات لليد واستكشافات للمتخيل في قلب المادة، نلاحظ آثار الخطوط المنولة عن طريق «جلد» خام اللوحة بحبل رهيف غمس باللون.. أجساد القاسمي كثيرة ومتنوعة كرحلاته وتنقلاته.. بل حتى العناوين التي يختارها لمعارضه تجسد ارتباطه العضوي بالسفر الذي يعتبره مرجعيته الرئيسة في الخلق والإبداع والتواصل مع الناس، ولا أدل على ذلك (كمثال) من «ذاكرة نور» عام 1992، «مغارة الأزمة القادمة» عام 1993، وقد ضم إرساءات تشكيلية مكونة من تلفزات قديمة وعلب وقارورات وآلات موسيقية عتيقة، فضلاً عن الكتب والمجلات وعدة أدوات إلكترونية مستعملة قام بتجميعها بشكل توليفي غريب يذكرنا ببعض تجارب الواقعيين الجدد (طاكيس، أرمان)، مثلاً.
يذكر أن القاسمي قد رسم جداريات جميلة في سبعينيات القرن الماضي في مدينة أصيلة، برفقة كل من فريد بلكاهية ومحمد شبعة ومحمد المليحي.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©