الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

مستشار التراث العالمي منير بوشناقي لـ «الاتحاد الثقافي»: 50 عاماً قضيتها في خدمة التراث الثقافي العالمي

مستشار التراث العالمي منير بوشناقي لـ «الاتحاد الثقافي»: 50 عاماً قضيتها في خدمة التراث الثقافي العالمي
16 مارس 2023 02:34

سعد عبد الراضي

50 عاماً قضاها مؤرخ ومستشار التراث العالمي وعالم الآثار الجزائري منير بوشناقي في خدمة التراث وحمايته، ويمتلك بوشناقي سيرة قوية، حيث إنه حاصل على شهادة الدكتوراه في في علم الآثار والتاريخ القديم من جامعة إكس أون بروفانس «جامعة البحر المتوسط»، وسبق له العمل في الحكومة الجزائرية بين عامي 1969 و1981، وكان مسؤولاً عن الموروث الثقافي في وزارة الثقافة والاتصال الجزائرية عام 1976، ثم مسؤولاً عن مجموعة حفظ التراث العالمي بمنظمة «اليونسكو»، إلى أن أصبح مديراً لها عام 1992. وبعد ذلك أصبح يحضر الاجتماعات المتعلقة بالتراث العالمي بصفة قانونية، حتى عين مديراً لمركز التراث العالمي بين عامي 1999 و2000، قبل أن يصبح نائب المدير العام للثقافة، وفي 2006 ترك منير بوشناقي منظمة «اليونسكو» ليعين مديراً عاماً لمنظمة iccrom حتى 2011، وهي منظمة حكومية دولية تعمل في خدمة الدول الأعضاء على تعزيز عملية حماية وإعادة تأهيل كافة أنواع التراث الثقافي العالمي. وفي 2012 عيّن مستشاراً للمدير العام لمنظمة (iccrom)، وكذلك للمدير العام لـ«اليونسكو»، كما كان مشرفاً على عمليات المركز الجهوي العربي للتراث العالمي بالبحرين، وحاز جائزة (iccrom) عام 2000، وصدر له العديد من المؤلفات والدراسات، من أبرزها «التطور الاسثنائي للمتاحف في دول الخليج» التي نشرت في مجلة المتحف العالمية سنة 2011. 
التقينا الدكتور منير بوشناقي في أبوظبي لنسأله عن رحلة 50 عاماً في خدمة التراث وحمايته، حيث بدأ حديثه قائلاً: حضرت إلى أبوظبي ضمن ثلاثة علماء تمت دعوتهم في ديسمبر 2016، حيث تحدثنا عن الدمار الذي يلحق بالتراث الثقافي جراء الحروب والصراعات والنزاعات، واستقر بنا الأمر على إنشاء صندوق خاص لدعم هذه المناطق وتسميته بأول حروف العربية «ألف»، وتم اختياري وقتها في اللجنة العلمية. وتقوم اللجنة العلمية بدراسة الطلبات التي تأتي من دول النزاعات، ورفعها إلى الإدارة في جنيف، لتقوم بدورها في تقديم المساعدات اللازمة، مؤكداً أن دور «ألف» داعم وإضافة قوية لمنظمة «اليونسكو» الدولية. 

الجسر والمتحف
ويعود بوشناقي بذاكرته إلى الجسر التاريخي، الذي دمر أثناء حصار موستار في حرب البوسنة والهرسك في عام 1992، ثم مرة أخرى في وقت لاحق في الفترة من 1993 إلى 1994، فيقول: كنت مسؤولاً عن إعادة بناء الجسر التاريخي في سراييفو، وهو جسر موستار، ذلك الجسر الذي بني في العهد العثماني، وتحديداً في القرن السادس عشر، وبإعادته مرة أخرى عادت حياة التعايش والسلام التي كانت موجودة في السابق.
وعن المتحف الوطني في بيروت، الذي يعود تاريخ إنشائه إلى عام 1942، ودمر في بداية تسعينيات القرن الماضي، يقول بوشناقي: قمت بعمل أول تقرير عن الدمار الذي لحق بمدينة بيروت وخاصة بالمتحف الوطني هناك، ذلك المتحف الذي دمر في عام 1992 ولم يكن به حتى نوافذ وأبواب، ولحسن الحظ أن مدير المتحف حافظ على بعض التحف المهمة، حيث اشتغلنا على إعادة إعماره كرمز للمجتمع اللبناني بجميع طوائفه، فهو يضم تراثاً ثرياً يعود لآلاف السنين. 

كمبوديا وأفغانستان
وبعد حروب استمرت ثلاثين سنة في كمبوديا دمرت خلالها مبانٍ تاريخية مشهورة يعود تاريخها إلى ما بين القرنين الثامن إلى السادس عشر بعد الميلاد، قال بوشناقي عن إعادة ترميمها: منذ عام 1992حتى الآن قمنا بإعادة ترميم المعابد البوذية في كمبوديا، وأصبحت المنطقة الآن من أكبر المناطق جذباً للسياحة في شرق آسيا، وعادت الحياة لوضعها الطبيعي، وأصبحت الآثار الموجودة رمزاً للتعايش والسلام. 
وعن وادي باميان، المحاط بالجبال العالية في هندوكوش بالمرتفعات الوسطى بأفغانستان قال بوشناقي: في 2001 قامت «طالبان» بتدمير تماثيل بوذا في وادي باميان، ووقتها تواصلنا مع الرئيس الراحل حسني مبارك، وقامت مصر بإرسال وفد برئاسة شيخ الأزهر إلى هناك، بالإضافة إلى مختصين في الشريعة الإسلامية، وبعدها قمنا بعمل دراسة شارك فيها خبراء بالفقه الإسلامي لتحديد موقف الإسلام تجاه التراث الإنساني، وقد دُمر في ذلك الوقت تمثالان لبوذا أحدهما يبلغ طوله 52 متراً والثاني 33 متراً، بالإضافة إلى منارة جام أو مئذنة جام، وهي أحد مواقع «اليونسكو» للتراث العالمي في غرب أفغانستان. 

العراق وسوريا 
وعن العراق، قال بوشناقي: ترأست أول بعثة علمية إلى متحف بغداد، الذي تعرض للسرقة بين يومي 8 و10 أبريل 2003، حيث سرقت منه 15 ألف قطعة، وأضاف: لقد كان الوضع مأساوياً جداً وكانت كارثة ثقافية بكل المقاييس وصلت إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، حيث دمرت المكتبة الوطنية من الطابق الأول إلى الطابق الثالث تماماً، وتابع: اشتغلنا مع العديد من المنظمات وبالتعاون مع اليابان وإيطاليا لإعادة المتحف والمكتبات المدمرة في البصرة وغيرها إلى حالتها الأولى.
أما عن سوريا، فيقول: لقد دمرت الحرب في سوريا العديد من المواقع المهمة في حلب وتدمر وإدلب بشكل متعمد. وقمنا بإعادة ترميم المباني القديمة. 

مؤسسة «ألف»
التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع «مؤسسة ألف»، هو صندوق عالمي رائد مكرس حصرياً لحماية التراث في مناطق النزاع وحالات ما بعد النزاع. وقد تم إنشاؤه استجابة للتدمير الهائل الذي شهده التراث الثقافي، والذي ما فتئ يتزايد في السنوات الأخيرة نتيجة للإرهاب والحروب في منطقتي الشرق الأوسط والساحل الأفريقي. وتعمل المؤسسة على اختيار وتمويل مشروعات حماية أو تأهيل الآثار والمواقع والمتاحف والمجموعات الفنية والمخطوطات، وأماكن العبادة والتراث غير الملموس، وتقوم بمعاونة مجموعة من الشركاء بإدارة وتنفيذ هذه المشاريع، بما في ذلك المنظمات غير الحكومية والمؤسسات الثقافية، وتتلخص طريقة عمل مؤسسة «ألف« في: الفاعلية، والسرعة في التنفيذ، والعمل في الميدان. وبالفعل، التزمت المؤسسة بتقديم 50 مليون دولار أميركي لدعم 180 مشروعاً في 30 بلدا حول العالم. وتعتمد إدارة المؤسسة في عملها على عقلية شبيهة بتلك التي تتبعها الشركات الناشئة، الأمر الذي يزيد من مرونتها وسرعة استجابتها للأزمات. وتتمثل أولوية «ألف» في دعم المشاريع الملموسة والعمل بشكل وثيق مع السلطات والمجتمعات والجهات الفاعلة المحلية، ومؤسسة «ألف» هي نتاج شراكة بين القطاعين الخاص والعام، كما أنها تضم سبع دول أعضاء منذ تأسيسها، هي: الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والكويت والمغرب والصين وفرنسا ولوكسمبورج . هذا بالإضافة إلى ثلاث جهات مانحة خاصة أي د. توماس كابلان ومؤسسة جاندور للفنون ومؤسسة أندرو و. ميلون، وسويسرا، البلد المضيف لها.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©