عدد اليوم
محمد نجيم (الرباط)
تتميز أعمال الفنان التشكيلي المغربي محمد بلاوي بقوة تأملية وجمالية مدهشة، كونها تخرج عن المألوف والنمطي في السرد البصري، فهذا الفنان لأعماله ارتباط وثيق بالمدنية المعاصرة وبما يعيشه ويراه في محيطه من شوارع وأزقة مدينته الدار البيضاء بناسها البسطاء ودروبها الضيقة وحتى مكاتب شركاتها العملاقة والعابرة للقارات. ولوحاته مستمدة من الذاكرة الشعبية ومن التاريخ مُستلهماً عادات الناس وطقوسهم اليومية حيث تتبدى الوجوه الحائرة وهي تُطل من النوافذ الخشبية الصغيرة متأملة الأفق وسحر المكان وأسطوريته وعجائبية المشاهد، مستحضراً المتخيل الطفولي في تلك الأعمال. وتحقق لوحاته شاعريتها وفق رؤية مبسطة من خلال كثافة الألوان وانسيابية خطوط الريشة التي تحاول رسم الحقيقة بواقعية موضوعية بعيداً عن الغموض وقريبة من المتلقي.
ويشتغل الفنان وفق نهج مدرسة «البوب آرت» التي ظهرت في الغرب قبل عقود من الزمن، هذا الأسلوب الذي يمنح أعماله الانطباعية مقومات جمالية وتعبيرية مثقلة بالإيحاءات والعلامات والرموز التي يستقيها الفنان من مخزون التراث البصري المغربي كاليد والخواتم والأوشام والنجمة الخماسية والأبواب والأزياء المغربية القديمة والأسواق الشعبية، ويصبّها في قوالب فنية سهلة التلقي وناطقة بالمرح وكأن الفنان يريد استفزاز المتلقي ووضعه في بؤرة المشهد لمقاومة النسيان والتشظي وطمس الهوية.
وتلهم مدينة الدار البيضاء أعمال الفنان ورسوماته التي تنهل من الثقافة الشعبية والفلكلورية بطقوسيتها وسحرها وغموضها، كما يستحضر في لوحاته السيارات القديمة وعادات الأكل في زمن ماضٍ، مقارباً ذلك، وفق تصور فني قائم على قوة الألوان والقوة التعبيرية للمكان ليمنح المتلقي وقفة تأملية أمام أعمال منبثقة من الواقع والمحيط.
ولد الفنان محمد أمين بلاوي بمدينة الدار البيضاء سنة 1989 وفيها تلقى دراسته في مدرسة الفنون الجميلة واختار الرسوم الساخرة كمجال لاشتغاله وتخصصه كما شارك في عدد من المعارض المحلية والدولية.
