عدد اليوم
محمد نجيم (الرباط)
في معرضه المنظم بمدينة الرباط، تبدو أعمال الفنان التشكيلي نور الدين فاتحي محافظة على بصمته الفنية المميزة، بتقنية صباغية متفردة تستحضر الأمكنة، باحثاً عن أسرار العالم وغموضه وشاعريته. تجربة الفنان نور الدين فاتحي غوص في دواليب التاريخ الإنساني والإبداعي، بما يحملانه من مرجعية ثقافية ووجودية، قد تفضي بك إلى متاهات المعرفة المزدحمة بقضايا الإشكاليات المطروحة على المستوى الجمالي والمفاهيمي، ففي كل محطة سؤال، وكل سؤال حمال قضية، وكل قضية تحيل على إشكالية، وكل إشكالية في حد ذاتها موضوع، وكل موضوع مرآة لشعور جماعي يختزن فكرة روحية، وكل فكرة تتحول إلى قصيدة، وكل قصيدة ملاذ لتحفة فنية لها امتداد في الماضي والحاضر، حيث تعدد الأمكنة والأزمنة في المكان والزمان الواحد. وبرأي الكاتب سعيد عاهد، فإن هذا المنجز الفني يكشف، بجمالية، عن فحواه هذه عبر استعارة ذكية وواعية للمكونات الاستطيقية المتولدة في رحم مختلف الحضارات.
متاهة الأسطورة
إنها تجربة عرفت خصوبة لافتة على مستوى إنتاج الرؤى الحداثية، المشفوعة بوعي جمالي مكثّف يسبر أغوار وتجاويف التراث الإنساني. خاصة داخل متاهة الأسطورة، حيث يولد الفن من شراسة الوقائع، ويتدفق الجمالُ من رمزية الأفكار المتسامية، فلوحة الفنان نور الدين فاتحي برأي الناقد أحمد لطف الله، تحاول أن تستند لمدخل الطبيعة، في مغامرة جمالية، حيث تخترق الأشجار مختلف الوجوه على جسد اللوحة، فيترتّبُ عن حركتِها تصور مختلف عن الطبيعة، ينأى بها عن الأُحادية، ويضعنا أمام «طبيعات» مختلفة ومُعَقلَنة. وهذا هو الأصل في الطبيعة التي تطوّر مختلف كائناتها أنظمَتها بصورة مستدامة.
ولأن الطبيعة قد تختفي عندما يقودها الإنسان نحو العقل، كما يقول هيراقليط، تصرّ الجذوع والأغصان والأوراق أن تخترق كائنات اللوحة ثم تعتلي المستوى الأول. مضيفاً في كتيب المعرض أن الزائر لمرسم فاتحي سيشعر بنفحة من الطقوس الروحانية تتهادى في المكان. حيث تتجاور هذه الأيقونات وتتحاور وفق تقابلات ضوئية تخاطب الروحاني فينا.
