السبت 11 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

روح «الأرض».. جمالية بلغة الطين والتراب

من لوحات مصطفى الغزلاني (من المصدر)
5 يناير 2024 00:54

محمد نجيم (الرباط)
في تجربة بصرية وجمالية لافتة اختار الفنان التشكيلي المغربي مصطفى الغزلاني أن يقدم أعماله موظِّفاً فيها الطين وخامات أخرى لتقديم رؤية جمالية لما في خامة الطين والتراب ولحاء الشجر من رمزية روحية وتخيلية استمدها الفنان من طفولته البعيدة. فمادة الطين مادة أثيرة ومرجعية محملة بألعاب وخيالات الفنان التي يحمّلها أحلامه وخيالاته وانكساراته ليشحن بها أعماله الفنية التي قدمها في معرضه المنظم في مدينة المحمدية. ويوظف الفنان مصطفى الغزلاني مادة الطين مستخرجاً منها رؤيته الفنية لينقل جمالياً الإلهام المتوغل في مخيلة طفولته من خلال تشكيل منحوتات ولوحات ومجسمات جميلة قابلة للتأويل لأنها مثقلة بالرموز الصوفية وأبعاد روحانية للتعبير مفاهيميّاً عن الرؤية الفكرية المتوغلة في الروح والوجدان، بغوصٍ فلسفي وجمالي يحفز حواس المتلقي ويوقظها.

ويقول الكاتب المغربي عبدالدين حمروش، واصفاً أعمال هذا الفنان: لشد ما تتمَظهر الأرض، في أعمال الفنان غزلاني، على مستوى المواد الصباغية، والألوان واشتقاقاتها. فجميعها يحيل إلى الرحم الأول، وإن كانت تشكلات الخطوط والهيئات تأخذ طابعاً تجريدياً أكثر هذه المرة. والبحث في طبيعة المواد المستعملة قبل استقامة المنحى التشكيلي للعمل الفني، مفيد من هذه الناحية. ومن هنا، فإن الإحالة إلى الأرض، ليست مجرد طابع تشكيلي فحسب، ناتج عن خيال الفنان وإبداعيته. وبتعبير آخر، فالأرض حاضرة في أصل المادة من جهة، وفي طبيعة تشكيلها من جهة ثانية. وأعتقد أن قراءة ثيمة الأرض من خلال عناوين اللوحات تفي بالغرض، فإضافة إلى التسمية، تضطلع العناوين المقترحة أيضاً بوظيفة التأطير. وفي هذه الحالة يستحيل الانفكاك عن الأرض، باعتبارها مادة، وإطاراً، وموضوعاً، في مقاربة السؤال الإشكالي الأبدي التالي: إلى أين تسير الأرض؟ أو بالأحرى إلى أين يسير الإنسان بالأرض؟
أما الناقد الجمالي أحمد لطف الله فيقول إن الفنان، وهو ينحو نحواً تجريدياً في أعماله، إنما ينخرط في هذا العالم. إن توزيع العناصر وتركيبها في بعض هذه اللوحات هما حركتان متروكتان للمتلقي البصري أكثر منهما إرضاء لخلجات جمالية تتوارد في صدر الفنان، وبإيعاز من البداهة والقناعة تنبسط التقابلات اللونية بين السماء والأرض، ونرى ذلك في بعض هذه الأعمال الفنية. وفي لوحة «تعبت الأرض» مثلاً يتوقف خفقان لحاء الشجر، ويتحول إلى كومة أعواد وأجساد متعانقة حد التلاحم والانصهار.
أما المفكر والفيلسوف إدريس كثير فيقول واصفاً أعمال مصطفى الغزلاني: «لمّا اختار الفنان غزلاني ألوانه من عناصر الطبيعة الأولى اختار أيضاً موقفاً فلسفياً طبيعياً وتصوراً جمالياً ينطلق من الطبيعة، فمادته الصباغية مادة طبيعية تنهل من التراب والحجر والماء والهواء والبرودة والحرارة رحيقها وقزحيتها. وكل أعماله الفنية المعروضة ها هنا هي نتاج طبيعانية مفرطة في طبيعيتها».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©