السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

ألفونس إتيان دينيه.. اعتنق الإسلام ودافع عنه بالريشة والقلم

ألفونس إتيان دينيه.. اعتنق الإسلام ودافع عنه بالريشة والقلم
22 مارس 2024 02:02

هويدا الحسن (العين)

ألفونس إتيان دينيه، أو نصر الدين دينيه (1861-1929) ليس مجرد رسام ومستشرق أسره سحر الشرق كما فعل مع فنانين غربيين قبله، ولكنه يعد نموذجاً للانغماس في ثقافة الآخر والتماهي معها بصدق وفهم عميقين.
ولد الرسام والمستشرق الفرنسي ألفونس إتيان دينيه في باريس لأسرة من الطبقة البرجوازية، فأبوه هو القاضي البارز فليب ليون دينيه، وأمه سيدة مجتمع هي ماري أوديل باوتشر، وقد درس الفن بالمدرسة الوطنية للفنون الجميلة، وعرض أول أعماله في صالون الفنانين الفرنسيين، وهو أحد مؤسسي جمعية المستشرقين الفرنسيين.
وقد لعبت الصدفة دوراً كبيراً في تعميق شغف دينيه بالشرق حين زار منطقة بوسعادة بالجزائر برفقة فريق من علماء الحشرات عام 1884، ثم حالفه الحظ في العام التالي ليقوم برحلة ثانية إلى منطقة الأغواط بمنحة من حكومة فرنسا، وفي ذلك الوقت رسم أول صورتين من الجزائر.
وفي عام 1903، أي بعد زيارته الأولى للجزائر بتسع سنوات، اشترى منزلاً في بوسعادة وأصبح يقضي به تسعة أشهر كل عام، حتى أصبح مفتوناً تماماً بشمال أفريقيا وثقافتها، فتعلم اللغة العربية وأتقنها، وفي النهاية اعتنق الإسلام، وقد أعلن إسلامه في رسالة خاصة عام 1908، ثم بعد ذلك بسنوات أشهر إسلامه في زاوية الحامل وغيَّر اسمه من ألفونس إلى نصر الدين دينيه عام 1913، وأدى بعدها فريضة الحج إلى مكة المكرمة بصحبة زوجته.
ساهم إلمام دينيه بالثقافة واللغة العربية في تميزه عن غيره من الفنانين المستشرقين الذين افتتنوا بشمال أفريقيا كهنري ماتيس وغيره، وقدم أعمالاً ورسومات وصفها النقاد بأنها من النوع القصصي، وعندما تبلور اهتمامه بالإسلام بدأ في رسم لوحات ذات موضوعات دينية، وتميزت أعماله بدفء ألوانها ودقة تفاصيلها، فلم يكن يرسم بروح المستشرق الغربي، ولكن يمكننا القول إنه قدم تلك الأعمال كفنان شرقي وبوعي شرقي خالص، وكأنه ولد شرقياً في الأساس. ومن الجدير بالذكر أن دينيه زار مصر أيضاً عام 1897 ورسم منظرين بانوراميين للقاهرة القديمة، أحدهما في الصباح والآخر في المساء، وتمت إعادة إنتاجهما في كتاب «سراب: مشاهد من الحياة العربية» عام 1906 الذي نشره صديقه الفنان سليمان بن إبراهيم.
وإلى جانب نقل الحياة بشمال أفريقيا في لوحاته كلوحة «لعبة قمة الغزل» التي تصور مجموعة من الأطفال يلعبون إحدى الألعاب الشعبية، ولوحات للحرملك والحياة اليومية كلوحة «السباحون الصغار على حافة الوادي»، ورسمه الحج والطواف حول الكعبة، وكذلك الصلاة في لوحة «الإمام يؤم الصلاة»، وجلسات المتصوفين، قدم دينيه أيضاً أعمالاً أدبية مهمة، إذ نشط في ترجمة الأدب العربي إلى الفرنسية، ولعل أهمها ترجمته لقصيدة ملحمية للفارس العربي عنترة بن شداد عام 1898، ومن مؤلفاته «أشعة خاصة بنور الإسلام» الذي دافع فيه عن الإسلام، ورسائل «الشرق كما يراه الغرب» التي نشرت بدمشق. وقد توفي دينيه في باريس وتم تشييعه جنازته في مسجد بباريس، قبل دفنه في القبة الجنائزية التي بناها في بوسعادة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©