السبت 18 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

فاطمة الشحي «ابنة الجبل»

فاطمة الشحي «ابنة الجبل»
28 ابريل 2020 00:20

خولة علي (دبي)

ذكريات الآباء والأجداد متنفس، وثراء فكري ومعرفي للأجيال، وما فيها من أنس وإثارة لماض شُكل من مواقف وأحداث عاصرها الآباء والأجداد، ونسجوا من خلالها الكثير من القصص والحكايات المشتقة من ظروف البيئة ومشقتها التي كانت بمثابة تحدٍ لهم، في استثمار كل عنصر فيها، بما يعود عليهم بالنفع، وتلبية احتياجاتهم اليومية.. هكذا كان حديث الوالدة فاطمة الشحي التي ترعرعت على رؤوس الجبال، وأخذت منها القوة والتحدي والصبر، ووجدت في البحر الرزق الوفير الذي لا ينضب فلم تتوانَ عن تجربة دخوله وسبر أغواره.

الطبيعة القاسية
والحديث للوالدة فاطمة الشحي: لا أنسى بساطة الحياة القديمة على رؤوس الجبال وما فيها من مشقة وتعب وجهد، فلم تكن أدواتنا سوى ما تنعم به الطبيعة القاسية، فلم نجلس مكتوفي الأيدي، وإنما زرعنا وحصدنا ووضعنا الحجر تلو الآخر كي نشيد به المساكن القديمة ولنحتمي بها من برد الشتاء القارس، كانت الحياة في مجملها بسيطة وغير مكلفة، فالصغار يتعلمون من الكبار مهمة التعايش مع الطبيعية، وكيف يمكن الاستفادة منها وعملية توزيع المهام على كل فرد أتاح لنا فرصة التعلم والإنتاج.

سعف النخيل
وتتابع: كل فرد من صغار وكبار له مهام ودور وواجبات يومية لا بد أن يؤديها، فالكل يعمل على قدم وساق، وربما نحن البنات نقوم بمساعدة الوالدة، من خلال جلب الحطب من الجبال، لاستخدامه في الطهي والتدفئة، خصوصاً في الشتاء القارص، كما نجلب الماء من البئر، ونحمله في حلة من الفخار على رؤوسنا وتثبت على قاعدة دائرية مصنوعة من سعف النخيل، حتى يسهل علينا حملها، فلا تنزلق وتسقط، ونكرر هذه العملية عشرات المرات يومياً، لما للماء من أهمية في تلبية الشؤون اليومية واحتياجاتنا من مشرب ومأكل واغتسال، فبالرغم من مشقة العمل في جلب الماء إلا أننا نقوم بتلك المهمة بصدر واسع وقلب رحب.
 ولرمضان عند فاطمة الشحي إيقاعه ونشاطه اليومي الذي لا يختلف عن الأيام العادية، من تحضيرات الفطور وغيرها من الأعمال المنزلية، ولكن دائماً ما نحيي الليالي بصلاة التراويح والقيام، ويبقى نور الفنر أو الصراي يشع من البيوت الحجرية وضاءه بالصلاة وترتيل القرآن إلى أن يهتف لوقت السحور يتم تناول التمر وشرب الماء أو تناول ما هو متوفر لهم من طعام الفطور.

إيقاع 
وأوضحت أنه لرمضان إيقاعه الروحاني الدافئ، وأجوائه الذي نعيشه بروح فيه الاستقرار والسكينة والطمأنينة، فتكثر الزيارات في ليالي رمضان، وتبدأ بعد صلاة التراويح، والمنازل بالرغم من بساطتها إلا أنها تتهيأ في استقبال الزوار والأزقة نشطة بحركة الأهالي ولهو الأطفال، ويبقى للحرف أيضاً أهمية خاصة في إيقاع حياتنا اليومية.
 وأضافت: نحن عبر بوابة الحرف نحاول جاهدين في الحفاظ على هذا الموروث الذين نرى فيه ذكريات وموروث يصور رحلة أمهاتنا وجداتنا اليومية وهن يطوعن خامات البيئة كي يصنعن به أدوات قادرة على تلبية احتياجاتهن اليومية، فتعكف السيدات في المساء وتحت إنارة الصراي أيضاً بعمل مشغولات من الحرفية.

إصرار
ولم تتوقف فاطمة الشحي عن تعلم تلك الحرف بل وحاولت أيضاً التدريب على صناعة الشباك التي كانت مقتصرة على الرجال، فما أن بدأت تتعلم أسرار صناعته حتى واجهت رفض والدها فكرة تعلم هذه الحرفة وان تقتصر فقط على الحرف النسائية، وحسب قولها: كنت حريصة على  ألاّ يفتني شيء، وكان للبحر أيضاً جزء من اهتمامي ورغبتي في تعلم العوم والصيد، وعندما وجد والدي أن لديَّ  الرغبة الشديدة في التعلم، فلم يقف عندها في وجهي، بل شرع في تعليمي السباحة، وفنون الصيد، فكنت أحرص في بعض الأوقات على التوجه إلى البحر للنهل من خيراته العظيمة، فكل جزء من حياتي فيه من الأحداث الشيقة والمغامرات الرائعة التي ما زلت أستعيد ذكرياتها بحلوها ومرها.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©