الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

سمنة الأطفال.. ضغوط نفسية وأمراض مزمنة

سمنة الأطفال.. ضغوط نفسية وأمراض مزمنة
14 يونيو 2020 01:21


خولة علي (دبي)

جلس مهموماً، وهو يكابد رغبته الدائمة في تناول الطعام، فوزنه الزائد، ألزمه بنظام غذائي، يلجم شهيته، لإعادة جسمه إلى وضعه الذي يناسب عمره.. فأحمد طفل يعاني السمنة، في عمر الثالثة عشرة، حيث تشير والدته إلى تعرضه لكسر في قدمه، تطلب تقليل حركته، فقضى معظم وقته أمام شاشات الأجهزة الإلكترونية، وتناول الكثير من الوجبات السريعة والسكريات، الأمر الذي أدى إلى سوء حالته.. هذه حالة من بين حالات مختلفة تعاني السمنة، وتتعرض إلى ضغوط نفسية.
وأكدت مريم أحمد «ربة أسرة» أن الانتشار الواسع لمطاعم الوجبات السريعة وغيرها، وسهولة طلبها على مواقع الإنترنت سهل على الطفل رغبته في تناول هذه الأطعمة وامتناعه عن تناول الطعام المحضر في المنزل، ما جعل الأطفال والمراهقين على وجهة التحديد تزيد أوزانهم.
مشاكل صحية
وقالت نوف سعيد السقطري، مرشد أكاديمي ومهني في مدرسة الثانوية النموذجية: أصبحت السمنة معضلة حقاً، في ظل ارتفاع نسبتها بين صفوف الطلبة، فبغض النظر عن مشاكلها الصحية، فهي أيضاً تأثر سلباً على نفسية الطالب في المدرسة، من جراء ما يعانيه من تنمر الزملاء، الأمر الذي ينعكس سلباً على أدائه العلمي، ويقوده ذلك إلى اكتئاب ومشاكل نفسيه خطيرة.
وأضاف: أكثر أنواع التنمر التي تطال الطالب، التنمر اللفظي، من خلال ألقاب و«نكات» على الطالب زائد الوزن على مرأى ومسمع من الجميع، ونلحظ دائماً أن الطلاب الذين يعانون السمنة يلجؤون إلى كثرة الغياب، وعند متابعة أسباب الغياب لوحظ أن الطالب يغير من شكواه ومرضه في كل مرة، فتارة يشتكي من ألم في الصدر، وتارة في القدم، وأخرى في المعدة، والذي في بعض الأحيان تكون إشارة إلى أن الطالب يحول ألمه النفسي إلى ألم جسدي، وفي بعض الحالات يكون الطلاب الذين يعانون السمنة عدائيين بشكل مفرط، وهذه ردة فعل احترازية حتى لا يكونوا في موقع التنمر.
وأشارت الدكتورة إسراء شاكر أستاذة علم النفس، إلى أن سمنة الأطفال انتشرت في الآونة الأخيرة بشكل كبير، وخاصة في مجتمعاتنا العربية وترجع إلى عوامل منها، المشكلات الصحية كـ «الخلل في الهرمونات»، والأسباب الوراثية والاجتماعية، وأكدت دراسات أن نسبة كبيرة من حالات السمنة سببها نفسية، لذلك من المهم، فهم الطفل ودعمه كي لا تكون ردة فعله سلبية، فيلجأ إلى التهام الطعام، وعدم وعي الوالدين لضرورة مراقبة وزن الطفل المناسب، بالإضافة إلى ثقافة بعض الوالدين بأن الإكثار من الطعام للطفل في هذا العمر يساعده على النمو، والإكثار من الوجبات السريعة والحلويات والمشروبات الغازية.

العطف والحنان
وللوقاية والعلاج من السمنة عند الأطفال، تؤكد الدكتور إسراء ضرورة العطف والحنان في التعامل مع الطفل «الاعتدال وليس المبالغة» لطمأنة الطفل، وتعويد على تناول الأغذية الصحية، من خلال جعل الوالدين قدوة له في ذلك، لأن الطفل يحب أن يقلد والديه، ويجب التقليل من تناول الوجبات السريعة،«مرة بالأسبوع، وتكون وجبة صغيرة»، وعدم انتقاد الطفل ووزنه أمام الآخرين، لأن ذلك سينعكس سلباً على نفسيته، فيأتي بنتائج عكسية غير محمودة، وتجنيب الطفل من تناول الطعام، وهو أمام التلفاز أو الكمبيوتر والألعاب الإلكترونية، لأن ذلك يجعله يأكل دون وعي، وأخيراً ومن الضروري تشجيع الطفل على ممارسة الرياضة، وجعلها من العادات اليومية والأساسية للطفل.
وهذا ما أكده الدكتور أسامة اللالا، خبير النشاط البدني وأسلوب الحياة بقوله: سمنة الأطفال ناقوس خطر يهدد حياتهم، وآخر الدراسات البحثية تشير، بأن السكري من النوع الثاني الذي كان يطلق عليه سكر الكبار، تغير اسمه، فأصبح يصيب الأطفال نتيجة زيادة تراكم الشحوم في منطقة البطن، وبالتالي فالتدخل المبكر للوقاية من السمنة عند الأطفال عامل وقائي وعلاجي، مشيراً إلى خطورة العامل النفسي والمكوث طويلاً خلف شاشات الألعاب الإلكترونية، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع نسبة هرمون الكرتزون وهرمون الأدرنالين، فيغرق الجسم بهذه الهرمونات، وينخفض مستوى الأيض، وهو معدل الحرق ،أي التمثيل الغذائي، بشكل كبير.

كتلة الجسم
عن خطورة السمنة قال الدكتور عبد السلام الطائي استشاري جراحة السمنة والمناظير والجراحات العامة: السمنة من أكثر الأمراض الصعبة التي يعانيها العالم، وهي الوصف الطبي لحالة تراكم الدهون في الجسم، إذا كان مؤشر كتلة الجسم ما بين 25 و29.9 هذا يعتبر زيادة في الوزن، أما إذا كان مؤشر كتلة الجسم 35 أو أكثر، فيعتبر سمنة مفرطة، إذا فاق 20% من الوزن المثالي، فهو يدخل في حيز المصابين بالسمنة.
وأوضح أن السمنة المبكرة لها تأثير قوي في العديد من الأمراض المزمنة، كالقلب والسكري والمفاصل والرئتين، وغيرها من الأمراض العضوية ذات العبء الاقتصادي على العائلة والمؤسسات الصحية والدولة بشكل عام.
وأشار إلى أنه يتم اللجوء إلى التدخل الجراحي، لخفض الوزن، عندما تكون كتلة الجسم أكثر من 40% ويمكن التريث في ذلك، حتى العمر 18 سنة، حيث بتم البحث عن أسباب الوزن الزائد، من خلال الاطلاع على الأبعاد النفسية، وفحص الغدد وأيضا البرنامج الغذائي الذي لا بد أن يخضع لها الطفل، الذي يمكن أن يتحول دون خضوعه للجراحة.


ساعات النوم
قلة ساعات النوم الليلي، وزيادة ساعات السهر، عند الأطفال أحد الأسباب التي تؤدي إلى زيادة تناول السكريات، لأن الجسم عندما لا يأخذ كفايته من النوم، يتعرض للكثير من المشكلات الصحية، فالمراهق لا بد أن يأخذ فترة 9 ساعات نوم في اليوم تبدأ مبكراً، والأطفال «من 8 إلى 10 سنوات» 10 ساعات، و«من 4 إلى 6 سنوات» من 10 إلى 11 ساعة.

لا تنتقد الطفل البدين
شدد الدكتور أسامة اللالا، خبير النشاط البدني وأسلوب الحياة على أهمية الامتناع عن انتقاد الطفل البدين، فهو ضحية، وليس مذنباً، ويجب الأخذ بيده ومعاونته من خلال رسائل إيجابية، في تعليمه نمط حياة صحية، وليس حرمانه من الطعام، ومن الممكن تغير نمط حياة كل سرة يبدأ من تعديل طريقة التسوق ونوعية الأطعمة وتقليل استخدام الزيوت والسكر.


تقنيات التدخل الجراحي
قال الدكتور عبد السلام الطائي، استشاري جراحة السمنة والمناظير والجراحات العامة التدخل الجراحي من خلال تقنيات:
. عملية الكرمشة، وهو إجراء يتم من خلال الفم يساعد المريض على نزول وزنة من 15 كيلو إلى 20، مع تقديم برنامج غذائي متكامل ومتابعات منتظمة مع الطبيب الجراح وعيادة التغذية.
. بالونة المعدة على اختلاف أنواعها تساهم في تقليل كمية الأكل، وتساعد في نزول الوزن من 10 إلى 15 كيلو جراماً، مع مراعاة النظام الغذائي المقترح لهذا الإجراء، ومما لا شك فيه أن هذه الجراحة، تعزز ثقة الطفل في نفسة وتعطيه دافعاً أقوى على ممارسة الرياضة، خاصة بعد فقدانه العديد من الكيلو جرامات. 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©