الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

حمرا القيظ

حمرا القيظ
13 يوليو 2020 01:54

وفي اللغة حَمارة القيْظ، أي شدّتُه أو شدّة حرِّه «سار في حَمارة القيظ فأُصيب بضربة شمس»، و«القَيْظُ» في لسان العرب وغيره من معاجم اللغة هو صَمِيمُ الصيْف، وهو حاقُّ الصيف، وهو من طلوع النجم إِلى طلوع سهيل، والنجم المقصود هنا الثريَّا، والجمع أَقْياظٌ وقُيوظٌ. أما حمرا القيظ، فهذه تسمية نعرفها، وهي ذاتها حَمارة القيض، نسبة لشدة الحر فيها، سمعتها كثيراً وأنا ما زلت بعدُ في سني الطفولة، حينما كنّا نهمّ بالخروج وقت الظهيرة، حيث يشتد الحر، وتكاد الأرض لا تطاق، وكأنك تشعر بها، وهي «تتوهيّ» لشدة الحرارة.
 وفي القيظ، وهو ما يسمونه «الصيف»، بينما نحن نعرفه قيظاً، وقد كان الأوّلون يسافرون من منطقة إلى أخرى بحثاً عن «البَراد»، وهرباً من سموم القيظ، وهم مستمتعون يتنقلون من أبوظبي مثلاً إلى المصايف في العين أو ليوا التي قال عنها الشاعر الراحل خليفة بن مترف «ديرتي وهناك قصدي واللزوم/‏‏ وإن بغيت تزورنا حثْ المِشام»، أي أسرع في التحرك والسفر، حيث إن لليوا طقساً صيفياً ممتعاً كما هو طقس العين، وللواحتين مكانهما في الذاكرة والوجدان.
مناسبة الحديث عن حمرا القيظ هي «جمرة القيظ»، هذا الخبر الذي انتشر بسرعة الضوء منذ يومين، يحذّر ويهوّل من أن منطقة الخليج على موعد مع طقس حارٍ ملتهبٍ ومستعر، بسبب دخول جمرة القيظ يوم أمس الأحد، ولا أعرف حقيقة من وراء الترويج لمثل هذه التخويفات من الذين يكتبون الأخبار دون خبرة أو وعي أو حتى ثقافة تخص المكان المقصود، نحن نعيش الصيف بفضل من الله كل عام، عشناه صغاراً إلى أن كبرنا، لم نسمع عن مثل هذا التخويف جمرة القيظ، نعرفُ حمرا القيض، ونستمتع بها، لأننا ننتظر في الصيف عطايا الله من الرطب والفواكه، خاصة المانجو، فالصيف بالنسبة لأهل الخليج هو موسم السياحة في الواحات وعند الأفلاج، وأشجار النخيل.
إن أبسط أساليب التخويف التي كانت تمارسها الأسرة قديماً على الأطفال كي لا يخرجوا من المنازل في «عز الظهيرة، حيث الطير ما يطير»، هي الزعم بأن من يخرج في ذاك الوقت سوف تظهر له «سويدا خصف»، رغم أن هذا الكائن الأسطوري لا يتحرك من مكانه في السرد القصصي، لأن مهمته حراسة مخازن التمور، ولكنها كانت أحد مصادر الترهيب قديماً مثلها مثل «أم دويس» التي في الحكايات لا تظهر في النهار وإنما في الليل، وكذلك «بودرياه» و«بوالسلاسل» و«خطّاف رفّاي»، وغيرها من «الخراريف» الشعبية التي كنّا نحبّها عند السرد في المساء، ونهرب في سرد النهار.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©