الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

«الديوانية».. سوشيال ميديا واقعية

«الديوانية».. سوشيال ميديا واقعية
25 يوليو 2020 00:09

أحمد القاضي (القاهرة)

على شاطئ الخليج، وقبل أكثر من قرنين من الزمان، جلس أحد تجار المستلزمات البحرية في بنايته الواقعة على ساحل البحر، ينتظر قدوم زبائنه لشراء الأدوات اللازمة لرحلات الغوص، عرفت هذه البناية باسم العمارة، وحينما يتكدس الزبائن يطلب التاجر من العمال تحضير البضائع فيما يتجاذب أطراف الحديث مع زبائنه من تجار اللؤلؤ والغواصين.
على مدار سنوات كان هذا الموقف يتكرر كل يوم بطول ساحل البحر ليصبح البداية التاريخية لأشهر منصة اجتماعية في الكويت، وهي الديوانية، فلم يجد تجار اللؤلؤ مفراً من الاجتماع بشكل دوري لمناقشة مصالحهم، فكانت متاجر بيع الحبال، الأخشاب، والشباك والزيوت مقرات متنقلة، لحين بناء أول ديوانية خاصة بهم.
بعد فترة وجيزة حبذ الكويتيون فكرة اللقاء وتباحث الأمور العامة، فأصبحت كل المتاجر العامة في الأسواق ديوانيات صغيرة، تجري فيها النقاشات الخاصة بمستقبل البلاد سياسياً واقتصادياً، وحتى تبادل الأحاديث والأخبار الاجتماعية، ولا بأس ببعض من الحكايات المسلية والألعاب.
وشكلت الديوانيات في الأسواق نقطة هامة في التاريخ الاجتماعي لدولة الكويت، فكانت منصات اجتماعية سبقت كل مواقع التواصل الاجتماعي التي يستخدمها العالم بأسره حالياً، فالكويتيون عرفوا كيف يجتمعون في مكان ليس افتراضياً، وإنما حقيقي نابض بالحياة، وظلت هذه المنصات الاجتماعية تتوسع، فكان لها دور سياسي بارز بعد تأسيس مجلس الشورى الكويتي لأول مرة عام 1921.
تتوغل الديوانية في نفوس وعقول الكويتيين، فتصبح لكل فئة اجتماعية ديوانية خاصة بها، المثقفون، الصيادون، السياسيون، الأطباء، العلماء، رجال الدين، فحتى تعليم أمور الدين الإسلامي كانت لها نصيب من ديوانيات رجال الدين، الذين استقبلوا فيها أبناء الشعب الراغبين في حفظ القرآن الكريم، وتعلم الفقه وكل مناحي الحياة الإسلامية، وفي رمضان تتحول جميع الديوانيات إلى ما يشبه موائد الرحمن، فتضرب أفضل الصور في التكافل الاجتماعي بين أبناء الدولة الواحدة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©