السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

المسائل في أدب الرسائل

المسائل في أدب الرسائل
10 أغسطس 2020 01:19

في أدب الرسائل، ورسائل الأدب وسائل كثيرة تأخذك نحو عوالم من الأسرار والمعرفة، والمجهول والمخبوء في دفاتر الأيام وذاكرة الإنسان، أدب الرسائل فنٌ رفيع من فنون الأدب المعروفة في حقل الثقافة الإنسانية، إنها حيوات آخرين تصلنا برضاهم ومن خلالهم توثّق لسيرهم الذاتية، وعلاقاتهم، نجاحاتهم وخيباتهم، قراءاتهم واهتماماتهم، ومشاعرهم وتفاصيلهم اليومية التي تشبه في بعضها تفاصيلنا، وتحيل نحو عوالمنا الخاصة، تلك التي تقترب منّا، وتُقرّبنا إلى الآخرين في شكل وقالب إنساني يتحول وفق التحولات، ولا يمارس الثبات كثيراً، لأن الإنسان في خصائصه العامة متحول لا يثبت على رأي، أو فكرة، أو قرار، أو موقف، بل إن المواقف هي التي تُملي عليه الحالة التي يصير إليها، كيف يكون؟ ماذا يريد، يمضي إلى أين؟ وبعض المواقف لحدتها، قد تدفعه نحو اتخاذ مواقف قاسية تجاه نفسه والآخرين.
الرسائل الأدبية فنّ نثري رفيع أتقنهُ كثير من المبدعين والمفكرين والفلاسفة منذ القرن الثالث والرابع الهجريين إلى عصرنا الحديث، بعضهم يعتبرها تلخيصاً مهماً لعلاقاته مع من يحب، يتبادل معه في قالب أدبي ماتع ما لا يستطيع قوله، ويجد أن الورق أكثر استيعاباً له، وبعضهم يجد فيها نجواه وسلواه وعلاجه، حيث يستعصي عليه القول أو الحديث في مواقف كثيرة، فيروح الكاتب يترجم تجاربه، وخوالجه وما يعتري داخله من تحولات عبر الرسائل الأدبية التي هي قطع موشاةٌ بأنيق الفكر، تطلع من روح الكاتب وعقله لتصل إلى القارئ عبر الكِتاب.
ولقد زخر تاريخ الأدب بالكثير من النماذج الراقية لرسائل نقلتها الأيام لنا، لعلَّ من أشهرها رسائل مي وجبران، التي تحمل تجربة 20 عاماً من العاطفة على الورق، ورسائل ناظم حكمت من سجنه والتي عرّفت القارئ على فكره وتوجهاته، ثم أيضاً هناك رسائل كافكا، ورسائل غسان كنفاني إلى غادة السمان، ورسائل الصادق النيهوم في العشق والغربة، ورسائل جان بول سارتر وسيمون دو بوفوار، وهناك رسائل مي زيادة التي وجهتها إلى عدة أطراف، كان العقاد منهم.
ومن رسائل الأدب الملتزم ما حملته لنا المكتبات، مما بين سميح القاسم ومحمود درويش، حيث كتبا عن الحب والمنفى والغربة والوطن السليب، ورسائل الرافعي، وطه حسين، وغيرهم كثيرون عبر العصور.
ولقد اختلفت رسائل الأدب في زمننا الحاضر، ودخلت عليها فنيّات ومتغيرات كثيرة تختلف تماماً في السبك والحياكة والنسج الداخلي للنصوص، إن الرسائل كنوز قيّمةٌ وقطع فنية مكثفة، مكتنزة بالفكر والتفاصيل والتجارب الإنسانية العميقة والفاتنة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©