الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

عازفة البيانو مي ملكي: بيروت لا تغرق في الأحزان

سبعينية تقاوم الدمار بالعزف على البيانو (من المصدر)
14 أغسطس 2020 00:23

رنا سرحان (بيروت)

تقاوم «السبعينية» مي ملكي آثار انفجار بيروت الذي دمّر بيتها، بالعزف على البيانو، حيث تنقلها موسيقاه إلى عالم آخر.. في صباح اليوم التالي من انفجار «4 أغسطس» عادت إلى منزلها في بيروت لتجد معظم ما فيه محطماً ومكسراً، وحطام الزجاج متطايراً في أرجائه، فوقفت برهة أمام مشهد الخراب عاجزة عن الكلام، حتى عن المساعدة في رفع هذا الحطام.. وبعد أن استفاقت من هول الصدمة توجهت مباشرة نحو «البيانو»، هدية زفافها من والدها منذ 60 عاماً للاطمئنان على أغلى ما لديها، فوجدته سليماً، فأبحرت في عالم الموسيقى الخاص بها.

وسيلة للتعبير
وتقول عازفة البيانو مي ملكي لـ «الاتحاد»: «تعودت منذ عشرات السنوات أن ألجأ إلى الموسيقى في اللحظات القاسية، فالموسيقى وسيلتي للتعبير، تماماً مثل الكلام والغناء، وجلست أعزف على البيانو وسط الركام للتفاعل مع ما يجري حولي، رغم أن العزف كان أثناء جمع الركام من المنزل وصوت الزجاج المتكسر، لكني لم أسمعه، جلست بهدوء وسط الدمار التي لحق بمنزلي لأني أعلم أن الحياة هبة من الله، وهو وكيلي وساعتي لم تحن بعد، أتيت ووجدت الخراب في كل شيء حولي وقلت: إنني لا أستطيع فعل شيء، فجلست للعزف، وفرغت شحنة الحزن في موسيقى هذا البيانو، وأحسست أنني في عالم آخر، بعدها انتقلت إلى عزف موسيقى الأمل، لأن ما يمكن أن أفعله هو تحريك أناملي لأنشر الأمل في هذه اللحظات على عائلتي من زوجي وأولادي وأحفادي ومنهم إلى الآخرين».

رسالة للشباب
لم تشأ مي ملكي أن تبعث التشاؤم، أو أن تنشد على بيروت «معزوفة الوداع» فقط وسط الركام، فكانت تعزف معزوفة الأمل لتبث دائماً ما هو مليء بالطاقة الإيجابية وتقول عن ذلك: لدي رسالة لشباب وفتيات لبنان والعالم.. لا تيأسوا، حدث الدمار مرات ومرات للبنان، وتدّمرت بيروت من قبل، ونهضت، وها نحن سنقوم في لبنان مجدداً... وها هم شبابه يتساعدون في إزالة الركام والزجاج يداً بيد، وستقوم بيروت من تحت الردم، ها هي سواعد الشباب والشابات أمل المستقبل يثبتون أن لا مكان لليأس بينهم، فلبنان حتى اليوم رجاؤنا ورجاؤهم، وهي الأمل ورسالة المحبة لكل الأوطان».

تجارة
مي التي كانت حياتها شاهدة على العديد من الأحداث الدامية في لبنان، كان زوجها إيلي ملكي دائماً الداعم لها، وجالت العالم برفقته لجمع أهم المواد الأولية لحياكة أفخم فساتين الزفاف وملابس «الهوت كوتور»، وعرفت معه تجارة المواد الأولية للخياطة وتوزيعها على أهم مصممي الأزياء في لبنان منذ أكثر من نصف قرن. المنزل الذي دخلته «السبعينية» مي عروساً منذ 60 عاماً مع البيانو هديتها، يجدد هذه الفترة إيمانها بأن لبنان بخير بلحن الأمل، وبملابس مفعمة بالألوان الزاهية تستقبل الجدة عازفة البيانو الجميع بابتسامة لم تفارقها منذ ساعات الانفجار، وتقف صامدة مع من وصفتهم خسروا أهلهم وممتلكاتهم لتعزيتهم ودعمهم بالرجاء والإيمان بقدرة الله على اجتياز الصعاب والمحن.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©