عدد اليوم
اليوم آخذكم معي إلى جزيرة قريبة، وجهة ذات طابع خاص مرتبط بكتب الرحلات والأدب، جزيرة غارقة في الأساطير الممتزجة بالواقع، اليوم نزور سرنديب - عرفت أيضاً باسم سيلان - والتي كانت مقصداً ووجهة للرحالة العرب والمسلمين، الذين وصفوا طبيعتها وملوكها وعجائبها وعنبرها وياقوتها، يقال بأنها مهبط آدم عليه السلام، سميت بلؤلؤة المحيط الهندي وأرض الدموع، لأن شكلها الجغرافي يشبه (الدمعة)، دولة تحاول أن تنهض سياحياً بعد أن مرت عليها حرب أهلية أرهقتها لمدة 25 عاماً، كما كان تسونامي في 2004 ضيفاً ثقيلاً خطف ما يقارب من 30 ألف ضحية، تعالوا معي في رحلة إلى سرنديب، وأرجع منها محملاً بالشاي والقرفة والكاجو.
سيفاجئك ود الشعب السيلاني الذي سترى منه ترحاباً محبباً، صدقني ستجد 9 من كل 10 أشخاص يحملون ابتسامة على وجوههم، جزيرة تشبه حبة الكمثرى في شكلها، فيها من المقومات السياحية الطبيعية الكثير، عشرات من البحيرات والشلالات والجبال، جزيرة ذات طبيعة بكر، عاصمتها كولمبو المليئة بـ «التوك توك» وسيلة التنقل الشهيرة، اجعلها محطة وصولك، وانطلق منها إلى كاندي ذات الأجواء اللطيفة والمباني التراثية، وستجد فيها بيت أحمد عرابي الذي عاش فيها إبان فترة منفاه في سريلانكا، وعاد منها بأول شجرة مانجو إلى مصر عام 1903، عرّج بعدها على نوراليا (نور العلا) التي بناها الإنجليز بطرازها الفريد، المدينة التي سيداعب ضبابها ورذاذها وجنتيك طوال الوقت، فأجواؤها ماطرة ومزارع الشاي السيلاني - وهي الدولة الثانية عالمياً في إنتاجه - على مدى البصر، احرص على زيارة بحيرة نوراليا الشهيرة جريجوري Gregory وشلالات رامبودا الفاتنة- Ramboda Falls، وإذا كنت من عشاق الشواطئ ورمالها الذهبية فعليك بـ (بنتوتة) التي تعود تسميتها إلى الأساطير السريلانكية، فـ (بن) تنسب إلى ملك أسطوري وتوتا تعني ضفة النهر، ويقال أيضاً إنها سميت بهذا الاسم تيمناً بالرحالة المسلم ابن بطوطة الذي وصل إليها وذكرها في كتبه، وإذا كنت ممن يحب المغامرات فعليك تسلق صخرة سيجيريا الشهيرة - Sigiriya Rock الواقعة بين مدينتي دامبولا وسابولان، وهي مغامرة تحتاج منك صعود 2500 درجة سلم، ولكنك ستصل وتنسى كل التعب من خلال المناظر الفاتنة من أعلى الصخرة، وأنصحك بزيارة دار الأيتام للفيلة هذا الحيوان المدلل، الذي تصل عقوبة قتله إلى الإعدام في تلك البلاد.
أحب هنا أن أشرح لك عادة يجب الانتباه لها هناك، فإيماءة الرأس التي تشير إلى (لا) تعني حرفياً (نعم)، كما أن كلمة (هوتيل) لا تعني بالضرورة فندقاً، فقد تعني مطعماً أو محل بقالة.
معلومة أخيرة: هل تعلم أن الكلمة الانجليزية Serendipity، والتي تعني (الصدفة) مشتقة من اسم (Serendip- سرنديب) الاسم القديم لسريلانكا، وقد ابتكرها المؤلف هوراس والبول عند كتابته قصة عن أمراء (سرنديب) عام 1754، ولا شيء يأتي بالصدفة.
