عدد اليوم
محمد نجيم (الرباط)
تستثمر مدينة الصويرة المغربية، أو «موغادور»، كما تسمى في التاريخ الأوروبي، إرثها التاريخي العريق لجذب السياح وعشاق السياحة الثقافية من مختلف أنحاء العالم، رغم ما يمر به العالم في ظل أزمة كورونا، تحاول الاستفادة من التوجه لتخفيف قيود السفر، مع تطبيق الإجراءات الاحترازية لمنع تفشي الفيروس.
مدينة الصويرة التي صُنفت بمآثرها منذ سنة 2001 كتراث إنساني من طرف منظمة اليونيسكو، بما تحتضنه من قلاع وحصون ومساجد وكنائس قديمة تعكس جو التسامح والتساكن بين الأعراق والديانات، وفيها يوجد أحد أقدم ميناء لتسهيل عملية التبادل التجاري بين المغرب وأوروبا منذ منتصف القرن الـ 17.
ينجذب زائر مدينة الصويرة لتراثها المعماري، الذي يعيده إلى فترات غابرة من الزمن: الفينيقية والرومانية والموريتانية، القرطاجية والأمازيغية والعربية، وهي المدينة التي تأسست، كما يقول دانييل شروتر في كتابه «تجار الصويرة»، سنة 1764 على يد السلطان محمد بن عبد الله «1756 - 1780» غرب مراكش، والمطلة على المحيط الأطلسي، وكان الهدف من إنشائها هو اتخاذها مرسى بحرياً رئيساً في المغرب للتبادل التجاري مع أوروبا.
أورسن ويلز مر من هنا
مدينة الصويرة، أو «تاصورت»، كما تسمى محلياً، غنية ببنايات يندمج فيها الطابع الأندلسي مع الإيبيري البرتغالي، فقلعة «السقالة» تعتبر من أشهر المعالم الأثرية، وتؤرخ لحقبة مضيئة من تاريخ المدينة.
وشهدت «سقالة الصويرة» تصوير عدد كبير من الأفلام السينمائية، أولها وأشهرها فيلم «عطيل» لمخرجه الأميركي الكبير أورسن ويلز، واعترافاً منه بفضل تلك المدينة وسكانها الذين ساعدوه في إنجاز فيلمه وإتمامه، قدم فيلمه في مهرجان كان عام 1952 باسم المغرب، وحاز السعفة الذهبية، وهناك لوحة رخامية كبيرة تحمل صورة هذا المخرج العظيم في إحدى ساحات المدينة، وأطلق عليها ساحة أورسن ويلز، كما صورت بمدينة الصويرة مشاهد من أفلام عالمية كثيرة، من بينها حلقات من السلسلة الشهيرة «لعبة العروش»، كما صور فيها المخرج العالمي الشهير ريدلي سكوت مشاهد من «مملكة الجنة»، كما صورت في المدينة مشاهد من الفيلم الهندي «تايغر زيندا هي»، وهو من بطولة سلمان خان وكاترينا كييف.
متحف المدينة
كما تحتضن مدينة الصويرة واحداً من أهم وأقدم متاحف المغرب، متحف محمد بن عبد الله في قلب المدينة، الذي يتيح للزائر التعرف على الحضارات المتعاقبة، ويقدم المتحف الذي افتتح سنة 1980، كما تقول المشرفة عليه غيثة الرابولي، صفحات من تاريخ المدينة، من عصور ما قبل التاريخ، والعريقة والقرون الوسطى، إلى غاية تأسيس المدينة.
مدينة المهرجانات
وتعرف مدينة الصويرة بمدينة المهرجانات الموسيقية التي تنظم على مدار السنة، من بينها مهرجان «غناوة»، الذي أصبح من أهم المهرجانات الموسيقية المصنفة عالمياً، ومهرجان الموسيقى الكلاسيكية، الذي يستقطب فرقاً موسيقية محترمة من أشهر الفرق التي تقدم أعمال بيتهوفن وباخ وموزارت وغير هؤلاء العظام، وهو مهرجان يحظى بمتابعة كبيرة من طرف وسائل الإعلام العالمية.
كما تعتبر الصويرة مدينة الفن التشكيلي بامتياز، باحتضانها الكثير من الأروقة التي تقدم الجديد في الفن التشكيلي المحلي والوطني.
