السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

«الزنكوغراف».. حرفة الموهوبين

«الزنكوغراف».. حرفة الموهوبين
19 سبتمبر 2020 00:12

أحمد القاضي (القاهرة)

في حي المنشية، أحد أشهر مناطق مدينة الإسكندرية المصرية، تتراص عشرات المحال الصغيرة، والتي كانت شاهدة على عصر تواجد اليهود في الحياة المصرية، وحالياً اندثرت ملامحها القديمة، ولم يبق منها سوى محال قليلة حافظت على شكلها وحالتها القديمة.
خلال القرن التاسع عشر انقسم المجتمع في الإسكندرية إلى قسمين، أحدهما اليهود والآخر العرب، وكانت لكل منهما مهن معروفة، وتعايش الجميع على الحرف اليدوية، وفي منطقة المنشية كان اليهود يعيشون وبنوا معبد «منشه»، وكانوا يعملون في عدة صناعات يدوية.
من بين عشرات المحال التي امتلكها اليهود، لم يكن هناك سوى اثنين من المصريين يمتلكان متجرين بالشارع، أحدهما حجاب، الذي أنشأ ورشة لصناعة الأختام واللافتات اليدوية في ثمانينيات القرن التاسع عشر، وهي مهنة يطلق عليها اختصاراً اسم «الزنكوغراف»، وكانت لليهود عدة ورش تعمل في نفس المهنة.

وبمرور الزمن، ارتفع عدد الورش العربية، عندما قرر اليهود التخلي عن الإسكندرية خوفاً من القائد العسكري الألماني روميل في الحرب العالمية الثانية، والذي كان على بعد 200 كيلو متر فقط من المدينة، ومع انتصاف القرن العشرين تغيرت الطبيعة الاجتماعية للإسكندرية، حيث انتقل اليهود في جماعات عقب حروب 1948، وغادروا المدينة ولم يعودوا، تاركين إرثهم للمصريين هناك.
وحالياً بعد نحو قرن ونصف من الزمن، لم يتبق من آثار شارع محلات اليهود والصناعات الحرفية القديمة شيئاً، بعدما غير أصحاب المحلات نشاطاتها وشكلها، لكن ظل محل حجاب كما هو، وبداخله يجلس الحفيد أحمد حجاب، الوريث الوحيد لأقدم ورشة في الإسكندرية تعمل في تلك المهنة.
حافظ حجاب على مهنة الزنكوغراف اليدوية، وطوّر منها حتى لا تختفي كما اختفت المهن اليدوية الأخرى، وتعلّم وتلقى تدريبات مكثفة وعملية على يد والده، كي يحافظ على مهنة والده وجده، اللذين كانا متمسكين بالمهنة حتى وفاتهما.

وبحسب صاحب الورشة، فإن صناعة الأختام أصعب من صناعة اللافتات، لأنه عندما يصنع الأختام يحتاج إلى كتابة الأسماء بشكل معكوس كأنها مرآة، حتى تطبع بشكل صحيح عند وضعها على الورقة أثناء الختم.
تواجه مهنة الزنكوغراف خطر الانقراض، بسبب رفض الجيل الجديد من أبناء العاملين فيها، استكمال التاريخ التراثي للمهنة، فالجميع يتجه إلى المهن الحديثة التي تسيطر التكنولوجيا على أغلبها، وما يزيد من خطر اختفاء المهنة، هو دخول التكنولوجيا الحديثة على خط المنافسة، وأهمها الكتابة بالكمبيوتر.
يصف صاحب الورشة العاملين في مهنة الزنكوغراف بالموهوبين، لأن العمل بها يحتاج إلى الكثير من الموهبة الفنية، تمكن صاحبها من الكتابة بخط جذاب، ويأمل أن يتعلمها أحد أبنائه يوماً ما، ليحمل تراث عائلته لعشرات السنين القادمة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©