الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

لحظة الكاتب وسُلطة الكلمة

لحظة الكاتب وسُلطة الكلمة
19 أكتوبر 2020 00:17

قد تشعر في لحظة ما أن الحرف بخيل، وأن الكتابة تستعصي عليك، لكنك مُلزم أدبياً مع قارئ ومتابع، وقبل ذلك صحيفة تنتظر أن يصل صوتك في وقته، دون تأخير قد يؤثر على أشياء كثيرة داخل الصفحة التي تحتل فيها مساحة جميلة تصلك بالآخرين.
الحرف عندما يستعصي يضعك في أزمة حقيقية، تحتار ما تفعل، هي ليست بضاعة نفدت من السوق، وستبحث عنها عبر شبكة الإنترنت حتى تجدها، وهي ليست صديقاً تأخر عن موعده وستضطر لانتظاره، إنها الكلمة، لا تحب الاستدعاء القسري، ولا الإلحاح، تُفضّل أن تأتيك على مهل، في وقتها الذي تختاره، وإن عانيتَ ما عانيت فهي لا شأن لها بك، سواء أجاءتك على هيئة مقال، أم قصيدة، أم رواية، أم غير ذلك.
الكتابة مسؤولية، والكاتب موقف، والحرف وسيلة، كل أولئك متصلون، مشاعرهم لا تنفصل، بل إنها تتواشج حتى لتبدو العلاقة عصيّة على التفريط، أو التفكك، وحدهُ صاحب الحرف يقع في مأزق الهوى أو المزاج، أو اللحظة، تلك العوامل التي تُشكّل عائقاً حقيقياً أمام الكاتب، فهو مقيدُ اليدين، لا مناص له من الاستسلام للحالة التي تقع عليها اللحظة.
واحد من الحلول الهامة في تحفيز الكاتب على الكتابة، والدخول إلى حالة التّجلي التي يبحث عنها، هي الهروب من عالمه إلى آخر داخل كتاب مثلاً، يتوحّد معه قراءة حتى يُنهيه، ثم يذهب إلى غيره، وكأنه يشحن طاقته، ويعيد تشكيل وعيه، ويستنطق ذاكرته، ليستفزه حرف فيعانق حرفاً آخر، كي يخرج من شرنقة العجز أمام الوضع الذي تورط فيه، فوقع فيما وقع من حيرة ودهشة.
القراءة مهمة جداً للكاتب وغير الكاتب، هي فعلٌ إنساني وحضاري يسهم وبشكل تراكمي في بناء الإنسان، والحضارات، والمعرفة، وتجديد الخبرات، وتنمية الذات، والمهارات بما في قراءتنا من نفع ٍ وفائدة تتوقف على نوعية وشكل اختياراتنا للقراءة من موضوعات في حقول المعرفة المتعددة.
إن الكاتب لم يولد كاتباً وكفى، بل إن الله تعالى قد حباهُ بالموهبة التي تحتاج منه إلى الصقل والتدريب، ولو أمعنا النظر نحو أجندات العديد من الكتّاب على مستوى العالم، سنجدُ أن لديهم خياراتهم وقراءاتهم وأوقاتهم الخاصة التي تتجلى فيها مواهبهم، تلك التي تجعلهم يقتنصون اللحظة، ويمتطون صهوة القلم للمضيّ نحو الكلمة.
ولأن القراءة تتصل بالكتابة بشكل أو آخر، فإن فك رموز التشابك، وفهم الشيفرة الخاصة بينهما، ربما يساعدان على أن يكون الكاتب حاضراً في كل وقت، عقله، وأناقته، ومحبّته لكل عينٍ تطّلع على ما نثر من ضوء وسط عتمة العجز عن معانقة الحروف.

* شيخة محمد الجابري
Qasaed21@gmail.com

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©