الخيول العربية.. «وثبة» الأصالة والجمال

تامر عبد الحميد (أبوظبي)

يطل مهرجان الشيخ زايد على جمهوره وزواره وضيوفه يومياً بمشاهد رائعة، تعكس جوانب الموروث الثقافي والتراثي الثري للشعب الإماراتي، وتتنوع هذه الشواهد بين عادات وتقاليد وحرف تقليدية، وصولاً إلى أشكال الحياة القديمة التي عاشها أهل الإمارات على هذه الأرض على مدى مئات السنين، بما ضمته من اهتمام بالخيل والهجن والصقور والسلوقي التي لها أهميتها في البيئة الإماراتية، فكان من الأهمية الاحتفاء بها ضمن حدث تراثي وثقافي ضخم بحجم مهرجان الشيخ زايد، المقام حالياً بمنطقة الوثبة بأبوظبي والذي تستمر فعالياته حتى 20 فبراير المقبل، برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، وبدعم من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ومتابعة سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة.
تشارك جمعية الإمارات للخيول العربية في مهرجان الشيخ زايد منذ انطلاقته وحتى الآن، بعرض عدد من الخيول العربية بهدف تعريف الجمهور بها وزيادة معلوماتهم عنها، لتشجيعهم على الإقبال عليها والعمل على اقتناء هذه الخيول لأنها تعتبر جزءاً أصيلاً من تراث دولة الإمارات، اقتداءً بالمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه».

وتعد الجمعية الجهة الرسمية والموثوق بها دولياً، في تسجيل وتوثيق الخيول العربية والمحافظة عليها في جميع أنحاء الدولة، كما تقوم الجمعية بتنظيم والإشراف على الفعاليات والأنشطة والمزادات المتعلقة بالخيول العربية.

صور ومجسمات
ويحوي جناح «مهرجان سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان العالمي للخيول العربية الأصلية»، عدداً من الصورة والمجسمات المتميزة للخيول العربية الأصيلة، ليؤكد مدى اعتزاز أهل الإمارات بالخيل وارتباطه بشكل وثيق عبر الزمن بحياة أهل البادية، وأنه كان عوناً لهم على تخطي ظروف الحياة وتسهيل شؤونها، عبر استخدام كل من الخيل والهجن في عمليات النقل والترحال، وحتى في أغراض المسابقات الرياضية والهوايات التي يمارسها أهل البادية في أوقات مختلفة.
ويتضمن الجناح معرضاً يسرد مسيرة المهرجان منذ انطلاقه قبل سنوات عدة، وما حققه من إنجازات محلية وعالمية في مضمار الخيل المختلفة، بفضل الرعاية الفائقة لأبرز السلالات العربية الأصيلة في المهرجان، الذي قدم لزواره وجبة معلوماتية ثرية جعلتهم يبحرون في عالم الخيل الجميل داخل الجناح، وقد حرص الزوار على التقاط صور تذكارية إلى جواره تسجل حضورهم ضمن واحد من أهم المهرجانات التراثية والثقافية التي تنظمها الدولة.

عرض مميز
العرض الخاص للخيول العربية التابع لمهرجان سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان العالمي للخيول العربية الأصيلة، الذي يقام كل خميس وجمعة الساعة الثامنة مساء، في مهرجان الشيخ زايد، شهد إقبالاً جماهيرياً لافتاً لمحبي الخيول العربية، والذي يعكس نجاح فريق عمل المهرجان في تقديم واستعراض الموروث الإماراتي المحلي في أبهى صورة، ويستمر العرض قرابة ساعة تقريباً، حيث يتولى مسؤولو «جمعية الإمارات للخيول العربية» تقديم عرض لبعض الخيول العربية بألوانها المختلفة، في مساحة كبيرة خصصت عند البوابة الثالثة من المهرجان، ليستطيع الخيل تقديم عروضه المميزة وسباقاته بشكل مميز على أنغام الموسيقا التراثية المحلية.

احتفاء لافت
وعبر عدد من الزوار عن تقديرهم لهذا الاحتفاء اللافت من قبل المهرجان بالخيل العربي، والاهتمام بالرياضات الأصيلة التي تعتبر جزءاً من ملامح الهوية الإماراتية، وبوصفها من أهم رموز حياة أهل البادية في الإمارات عبر العصور، حيث قال أحمد رشدان، (زائر): أتشوق في كل عام لمشاهدة عرض الخيول العربية الأصيلة المميز، خصوصاً أنني من عشاق ركوب الخيل، ودائم مشاهدة مسابقاتها وفعالياتها المتميزة، وقد استطاع فريق عمل المهرجان وإدارته تنظيم هذه الفعالية بشكل محترف، إذ تعرفت من خلال المعرض على صفات ومميزات الخيل العربي، إلى جانب مشاهدتي للعرض المباشر للخيول الذي يشجع الشباب على ممارسة هذه الرياضة الأصيلة.

تفاعل الأجيال
من جهته، أكد أحمد ربيع (زائر) أن مهرجان الشيخ زايد شيّد الكثير من الأجنحة والمنصات التي تقدم للزوار والضيوف محتوى تثقيفياً عن التاريخ والموروث الحضاري الإماراتي العريق، من بين أبرزها: جناح هجن الرئاسة وجناح مهرجان سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان العالمي للخيول العربية الأصيلة، اللذان يبرزان للزوار مدى اهتمام القيادة الرشيدة للإمارات بالهجن والخيول العربية الأصيلة، لما كانت وما زالت تمثل من أهمية كبرى لدى أبناء الإمارات، واللذان يمثلان أهمية خاصة في كافة البلدان العربية، لافتاً إلى أن العروض المخصصة لهذه المسابقات، وخصوصاً عرض الخيول العربي، يزيد من تفاعل الأجيال الجديدة مع الموروث الإماراتي والعربي، ويكشف للعالم بشكل حي مدى الاهتمام بالماضي وكيف كان يعيش الأقدمون في البيئة العربية التي تتشابه كثيراً في مفرداتها من المحيط إلى الخليج.

ذكاء وسرعة في التعلم
تُعد الخيول العربية الأصيلة واحدة من أقدم سلالات الخيول في العالم، إذ يعود تاريخها إلى 5 آلاف عام قبل الميلاد، وتعود نشأتها للمناطق الصحراوية في الشرق الأوسط، التي انتشرت منها لجميع أنحاء العالم، وتعرف الخيول العربية بأنها جميلة المظهر وذكية وسريعة التعلم، حجمها صغير نسبياً، ورأسها صغير مقعر، وعيونها كبيرة داكنة، ولديها فتحات أنف واسعتين، وظهر قصير، وشعر ناعم، بالإضافة إلى ذيل مرتفع للأعلى، وأرجل وحوافر قوية، ويعد اللّون الرمادي من أكثر ألوانها شيوعاً.

صفات الخيل العربي
تتميز الخيول العربية الأصيلة بعمرها الطويل، وقدرتها على الاحتفاظ بقوتها حتى مع تقدمها في العمر، وقوة تحمّلها وقدرتها على الوصول إلى خط النّهاية في السباقات المختلفة وهي بحالة جيدة دون أن ترتفع درجة حرارتها وبفترة أقصر من تلك التي تحتاجها أنواع الخيول الأخرى، وذلك بفضل عظامها الصّلبة الكثيفة، وأوتارها القوية، إلى جانب أنها لديها مقاومة استثنائية للأمراض مقارنة بغيرها من الخيول، إذ إنها تتمتع بقدرة عالية على التعافي من الأمراض بسبب إرادتها القوية المتمثلة في كفاحها للبقاء على قيد الحياة، إلى جانب استجابتها الجيدة للعلاج.

عائلات الخيل العربي
تُقسم الخيول العربية إلى مجموعة من العائلات، وهي سلالة «الكحيلان»، والتي تتميّز بطابع ذكوري من حيث القوة والحجم، إذ يبلغ متوسط ارتفاعها 152.4سم، وتمتلك رأساً قصيراً، وجبهة وفكّ عريضين، كما توجد عادةً باللّونين الرمادي والكستنائي، وسلالة «الصّقلاوي» تتميز بمظهر ورشاقة ذات طابع أنثوي، وتمتلك عظاماً جيدة، ووجوهاً وأعناقاً أكثر طولاً مقارنةً بخيول سلالة الكحيلان، إلّا أنّها أصغر حجماً منها، إذ يصل ارتفاعها إلى 144.2سم تقريباً، وتشتهر بسرعتها أكثر مما تشتهر بقدرتها على التحمل، وسلالة «العبيان» تتميز بحجمها الصغير، فغالباً لا يتجاوز ارتفاعها 144.2سم، وتكون عادة رمادية اللون مع ظهور بعض البقع البيضاء، كما تتميز بظهرها الطويل مقارنة بسلالات الخيول العربية الأخرى، وسلالة «الحمداني»، وتعد أحد أكبر فصائل الخيول العربية حجماً، إذ يصل ارتفاعها إلى 154.4سم، ومن أكثر ألوانها شيوعاً اللون الرمادي، وتمتلك هذه الخيول رأساً مستقيماً، وسلالة «الهدبان» والتي مع الخيول الحمدانية، إلا أنها أصغر منها حجماً، إذ يبلغ متوسط ارتفاعها 145.2سم، وتتميز بعظامها الكبيرة، وبنيتها العضلية القوية، ومن أكثر ألوانها شيوعاً البني.