الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

كمالا هاريس.. قصة كفاح

كمالا هاريس
23 يناير 2021 00:17

محمد وقيف

في العشرين من يناير، أصبحت كمالا هاريس أول امرأة وأول أميركية من أصل أفريقي، وأول أميركية من أصل آسيوي تتولى منصب نائبة الرئيس الأميركي. وبالنسبة للقراء الذين يتوقون لفهم كيف صعدت هاريس إلى ثاني أعلى منصب في الولايات المتحدة الأميركية، يتعقب الكاتب والصحفي الأميركي دان مورين مسارَها السياسي، وفكرته الرئيسة هي أنه لم يكن ثمة أي شيء متوقع في مسار ابنة المهاجرين، وطالبة جامعة هاورد السابقة، وخريجة كلية هاستينغز للقانون، من مدعية عامة محلية إلى نائبة للرئيس الأميركي، مشدّداً على أنه من الإجحاف اعتبار قصتها «نسخة نسائية لأوباما». 
ويوضح للقراء ظروف صعود هذه السياسية «الديمقراطية» إلى السلطة في الساحة السياسية المكتظة لكاليفورنيا. فرغم أن بركلي كانت مدينتها حين كانت شابة، إلا أن هاريس لم تمارس السياسة على مستوى القاعدة، بل التزمت بالوظيفة العامة، منذ عملها كمدعية عامة بمقاطعة ألاميدا، حيث عملت في النظام القضائي من أجل مَن سمّتهم «المستضعفين والذين لا صوت لهم»، وهي رؤية ما زالت تؤطّر عملها إلى اليوم. 
بيد أن المبادئ وحدها لم تنقل هاريس إلى خارج المحاكم في منطقة «إيست باي». فصعودها من مدعية عامة محلية إلى مدعية عامة لمنطقة سان فرانسيسكو، ثم مدعية عامة لولاية كاليفورنيا، فعضو في مجلس الشيوخ الأميركي، وأخيراً نائبة للرئيس الأميركي، استغرق ثلاثة عقود. وكما يشرح مورين، فإن بناء العلاقات كان مهماً كذلك. 

البداية
يذكر المؤلف أن هاريس كانت من البداية مقربة من السياسي المخضرم والعضو النافذ في الجمعية التشريعية للولاية ويلي براون، الذي عرّفها على أسرار كاليفورنيا السياسية ودعم حضورها في المحافل الرسمية على صعيد الولاية. كما كانت شقيقتها مايا، التي كانت رئيسة «اتحاد الحريات المدنية الأميركي» في شمال كاليفورنيا، وزوجها توني ويست، المدعي العام المساعد في عهد الرئيس باراك أوباما، بمثابة مستشاريها ومخططيها الاستراتيجيين. 
وفي عام 2007، كانت هاريس وكيلة لأوباما خلال حملة الانتخابات الرئاسية، وكان نجمها يصعد. وتنافست مع غافن نيوسم في وقت صعد فيه الاثنان إلى المشهد السياسي في كاليفورنيا، ففاز نيوسم بمنصب حاكم الولاية، وانتقلت هاريس من مدعية عامة إلى مجلس الشيوخ الأميركي. واستغلت علاقاتها في معقل الحزب الديمقراطي بمنطقة «سان فرانسيسكو باي» في نسج تحالفات مع شخصيات سياسية وازنة من الساحل الشرقي للولايات المتحدة. 

مشوار المهني
ولئن كان بعض المراقبين يركزون على أسلوب هاريس، فإن مورين، وهو صحفي ورئيس تحرير سابق لصحيفة «ذا لوس أنجليس تايمز» و«ذا ساكرامينتو بي»، يبقي الضوء مسلطاً على إنجازاتها. فبعد أن أصبحت المدعية العام لكاليفورنيا في 2011، اكتسبت هاريس صوتاً في قضايا كان لها صدى وطني مثل عقوبة الإعدام، والمساواة في الزواج، وتنظيم السلاح، وأزمة الرهن العقاري، والكليات الربحية، والحقوق التناسلية، والاتجار بالبشر. 
واللافت هنا أن مورين يبدو معجباً بهاريس لدرجة تجعله يتغاضى عن توافقاتها السياسية التي ما زالت تجرّ عليها الانتقادات. ومن ذلك أنها في عام 2008، حين كانت مدعية عامة لسان فرانسيسكو، أرادت هاريس مكافحة ظاهرة تغيب التلاميذ عن المدرسة بطريقة حازمة وصارمة تتمثل في محاكمة الآباء وأولياء الأمور الذين يتخلف أطفالهم عن الذهاب للمدرسة. ومع أنها بَنت مشوارها المهني كمناوئة لعقوبة الإعدام، فإنها تصدّت لطعن دستوري في عقوبة الإعدام بكاليفورنيا. ويشرح مورين أن أسلوب كمالا كان يعني السعي للتوفيق بين مبادئها وطموحاتها السياسية. ذلك أنها كانت تقيّم الأمور من خلال عدسة القضية العامة الأكبر. فبخصوص محاكمة الآباء بسبب تغيب أطفالهم عن المدرسة، سعت هاريس إلى فرض حق الطفل في التعليم. أما بخصوص عقوبة الإعدام، فقد وقفت في صف الحاجة إلى توازن للقوى يضمن تسوية المحاكم للمسائل الدستورية. غير أن مقاربتها ما زالت تثير حفيظة المنتقدين الذين يصفونها بالمسؤولة المنغمسة بشكل مفرط في نموذج عدالة مبني على «القانون والنظام». 

ثقل المشهد
بالتوازي مع توثيق صعود هاريس، لم يغفل كتاب «أسلوب كمالا» الحاضر. فهو على كل حال كتاب يسعى لشرح كيف وصلت كل من هاريس وأميركا إلى هذه اللحظة التاريخية: لحظة انتخاب أول امرأة، وأول أميركية أفريقية، وأول أميركية آسيوية نائبةً للرئيس. غير أنه من المحتمل أن تبقى أكثر المعلومات حميمية مع هاريس وحدها، على الأقل إلى حين كتابتها لمذكراتها بعد مغادرة منصبها. وفي غضون ذلك، لا شك أن هذه القصة حول كيف تحملت ثقل المشهد السياسي الأميركي ستترك القراءَ معجبين بها ليس فقط لأنها عرفت كيف تصمد ولكن أيضاً كيف تزدهر.

الكتاب: أسلوب كمالا.. حياة أميركية
المؤلف: دان مورين
دار النشر: سايمون آند شوستر 
تاريخ النشر: يناير 2021

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس»

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©